العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٤٢
ثم لم يكن ذلك يوما ولا يومين، ولا شهرا ولا شهرين، ولا عاما ولا عامين، ولكن السنين بعد السنين.
وكان أغلظ القوم محنة وأشدهم احتمالا بعد رسول الله صلى الله عليه أبو بكر الصديق، لأنه أقام ما أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وذلك ثلاث عشرة سنة. وإنما قلنا ذلك من أجل أن الناس اختلفوا في مقدار مبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى هجرته. فقال قائل: خمس عشرة سنة، وقال آخرون: ثلاث عشرة سنة، وقال قوم: عشر سنين، فكان أعدل الأمور وأقسطها طرح الطرفين، والاخذ بأوسط الروايات *)، كما صنعنا في عمر علي بن أبي طالب، حيث وجدنا ولده جعفر بن محمد [و] هو دونه، يخبر أن عليا استشهد وهو ابن سبع وخمسين، وقالت (علماء الرافضة): نحن أعلم به من ولده إلا الأئمة منهم. ولم يقل هذا القول إمام منهم قط، ولكن على استشهد وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ثم روى الناس بعد أنه استشهد وهو ابن ستين وابن ثلاث وستين وابن أربع وستين، أخذنا بأوسط ما قالوا فطرحنا سنيه وسني عمر وعثمان وأبى بكر والهجرة ومقام النبي صلى الله عليه بمكة، فحصل العدد الذي أثبتناه في صدر ذكرنا القضية.
(* فإن قالوا: قد صنع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة أفضل من جميع ما ذكرتم، ولقى أشد مما لقى أفضلهم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أباته في مضجعه وعلى فراشه والمشركون يرصدونه، وقد سقط إليهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد المدينة، فقد تحزموا واجتمعوا وقلبوا

*) الكلام من " وبين المحنة " ص 41 س 7 إلى هنا موضع الرد رقم (15).
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»