العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٤٥
ونم في مضجعي، فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه " وهكذا لفظ هذا الحديث، لا يشك في ذلك أحد. ولم ينقل إلينا أن النبي صلى الله عليه قال لأبي بكر: أنفق واحتمل، ولن تعطب ولن يصل إليك مكروه *).
(* فإن قالوا: إن عليا وإن كان حدثا - كما تزعمون - أيام مكة فإنه قد لحق السابق له ثم برز عليه بصنيعه يوم بدر وأحد والخندق، ويوم خيبر، وفى حروب النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن قبضه الله سبحانه إلى جنبه، فجمع أمرين: كثرة التعرض للمنايا، وعظم الغناء بقتل الاقران والفرسان، والقادة والسادة، لان من له من قتل الانجاد والأمجاد ما ليس لغيره، فله من التعرض والاحتمال والصبر والاحتساب ما ليس لغيره.
قلنا: إن كثرة القتل وكثرة المشي بالسيف لو كان أشد المحن وأعظم الغناء، وأدل على الرياسة، كان ينبغي أن يكون لعلى والزبير، وأبى دجانة (1)، ومحمد بن مسلمة، وابن عفراء (2)، والبراء بن مالك من عظم الغناء واحتمال المكروه بالقدر العظيم ما ليس للنبي صلى الله عليه وسلم،

*) الكلام من قوله " وفرق آخر أنه لو كان " ص 44 س 14 إلى هنا موضع الرد رقم (18).
(1) بضم الدال. واسمه سماك بن خرشة. الإصابة 371 من قسم الكنى.
(2) لم يذكر لنا الجاحظ من يعنيه بابن عفراء، وهم ثلاثة: عوف، ومعاذ، ومعوذ، بنو الحارث بن رفاعة، وأمهم عفراء بنت عبيد بن ثعلبة. السيرة 503. وكلهم شهد بدرا، واستشهد منهم فيها عوف ومعوذ ابنا عفراء، السيرة 507 والإصابة 6087، 8157 وإمتاع الاسماع 91. وشهد العقبة منهم معاذ. الإصابة 8034 وأظهرهم شجاعة في تلك الحروب هو عوف، قال ابن إسحاق: " وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف بن الحارث وهو ابن عفراء قال: يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده؟ قال: غمسه يده في العدو حاسرا، فنزع درعا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل ". السيرة 445.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»