وقد علم الله ورسوله أن الكلام العام يتخذه الناس حجة فيما يدل عليه العام.
وقد علم الله أن أبا بكر سيصلى بالناس في أعيادهم وسائر صلاتهم وأنه سيحتج في استحقاق أبى بكر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أبى الله ورسوله أن يصلى إلا أبو بكر " فكان ذلك دليلا على أن الله قد أراد ذلك وأوجبه، وعناه وأحبه.
فهذا دليل على أن أبا بكر لم يخالف أمر الله بتخلفه عن جيش أسامة إن كان أبو بكر ممن كان في ذلك الجيش قبل شكاة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره له بالصلاة.
ووجه آخر يدل على ما قلنا. وهو أنا لم نجد أحدا من المسلمين ولا من الأنصار والمهاجرين ذكروا عنه في ذلك الدهر حرفا واحدا من ذكر تخلف أبى بكر، لا عاتبا زاريا، ولا مستفهما مسترشدا، ولا متعجبا ناقما. ولا مصوبا عاذرا، ولم يذكر أحد حديثا - ضعف إسناده أم قوى - أن أحدا احتج لأبي بكر ولا عليه (1).
ولا يكون رحل في مثل نباهة أبى بكر وقدره، وفى مثل نباهة ما صار إليه، لأنه لا موضع أولى بشدة (2) الحسد وكثرة الطعن منه، وقد كان منه التخلف الذي لا يخفى موضعه، مع توكيد النبي صلى الله عليه وسلم وشدته على ذلك، ثم لا يلجأ في تخلفه إلى حجة ولا أمر