العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٦٥
فإن قالوا: وما دعا عائشة إلى صرف هذا الامر العظيم والمقام الشريف إلى عمر؟
قيل: فإنه ليس عندنا في ذلك إلا ما اعتذرت هي به لنفسها، فإنها قالت: إني والله ما أردت صرف ذلك على أنى لم أعرف شرفه وخطره، ولكني خفت أن يتشاءم المسلمون به، وألا يحبوا رجلا قام مقامه أبدا.
فأما حديث الربيع بين صبيح (1) عن الحسن فإنه زعم أنها قالت:
خفت ألا يطبق حمل الخلافة، وظننت أن الناس سيريدون منه مثل ما تعودوا من النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمت أن أحدا لا يكون كالنبي.
فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم جعله في جيش أسامة فقد استثناه حين اشتكى، من جميع الجيش، إذا استخلفه في مقامه، وأمره بالصلاة لامته، لان من صلى في مقام النبي صلى الله عليه وسلم وفى مسجده ومصلاه، في أعياده وسائر أيامه، فقد صلى بجميع الأمة، وتأمر على جميع البرية.
وإنما أدخلنا فيها صلاة الجمعة والعيدين لان النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " أبى الله ورسوله إلا أن يصلى أبو بكر " لم يستثن صلاة دون صلاة. فإذا كان الكلام عاما والنبي صلى الله عليه وسلم على يقين من فراق الدنيا، والوحي ينزل عليه، فقد دخل في ذلك صلاة العيد والجمعة: لان النبي يتكلم كلاما عاما (1).

(1) بفتح الصاد وكسر الباء، كما في حواشي تهذيب التهذيب.
(2) بعده في الأصل: " وهو على يقين من فراق الدنيا والوحي ينزل عليه ".
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»