قيل لهم: إن في أمر النبي صلى الله عليه له أن يقوم مقامه في الصلاة بالمسلمين، وعائشة وحفصة قد اعتونتا (1) ليصرفا ذلك إلى عمر، ويقولان:
إن أبا بكر رجل رقيق لا يستطيع أن يقوم مقامك.
وهو قد ودع المسلمين في حطبته التي خطبها في شكاته حين قال:
" إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا والآخرة فاحتار الآخرة ".
فبكى أبو بكر، فعجب الناس منه وقالوا (2): قال رسول الله صلى الله عليه:
إن عبدا من عباد الله!! قالوا: وكان أبو بكر أعلمنا برسول الله صلى الله عليه. هكذا الخبر. ثم جاء جبريل في شكاته فقال: يا محمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمي قبلك. قال: ائذن له. فأذن له جبريل حتى وقف بين يدي النبي صلى الله عليه ثم قال: يا محمد، إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فيما أمرتني به، فإن أمرتني قبض نفسك قبضتها، وإن كرهت ذلك تركتها. قالوا: فسمع النبي صلى الله عليه يقول: " الرفيق الاعلى " فعلم أنه قد خير صلى الله عليه.
ثم كان عند كل صلاة لا يجد عندها إفاقة يقول: " مروا أبا بكر يصلى بالناس " ويقول: " أبى الله إلا أبا بكر " وفى قوله أبى الله أن يصلى إلا أبو بكر، دليل أن ذلك من قبل الوحي. مع قوله لعائشة وحفصة حين أرادتا صرف ذلك إلى عمر: " أنتن صواحبات يوسف.
أبى الله ورسوله أن يصلى إلا أبو بكر " بالغلظ. فلو كان الخطب في ذلك صغيرا ما أغلظ النبي صلى الله عليه لهما، ولا اشتد عليهما.