العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١١٩
وقد عرفنا أن تأويل ظاهر هذا الكلام يشبه غير الذي قالوا، وليس لنا أن نجعله كما قالوا إلا بخبر عن النبي صلى الله عليه، أو بإجماع من أصحاب التأويل على تفسيره، وذلك أن قوله: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " يدل على العدد الكبير وأنتم تزعمون أنه عنى عليا وحده، وليس لاحد أن يجعل " الذين " لواحد إلا بخبر يجمع عليه، فإن لم يقدر على ذلك فليس له أن يحول معنى الكلام عن ظاهر لفظه، والذي عليه التعامل والتعارف. ولفظ الجميع معروف من لفظ المفرد. لان الرافضة تزعم أن سائلا دخل المسجد فسأل الناس وعلى راكع، فلم يعط شيئا، فنزع على خاتمه فأعطاه، فأنزل الله فيه: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ". وأنت إذا سمعت بتأويل ابن عباس وتأويلهم علمت أن تأويلهم بعيد من لفظ التنزيل، قرب (1) تأويل ابن عباس منه.
ولو كان الامر كما قالوا ما كان أحد أعلم به من ابن عباس ولا أشعر (2) به منه.
وأنتم تزعمون أن عليا كان أزهد من أن يحول عليه الحول وعنده مال راهن يجب عليه فيه الزكاة.
ولو كان ذلك كذلك ما كان بلغ من قدر صنيع رجل في إعطاء درهم ودرهمين من زكاته الواجبة ما إن يبلغ به إلى هذا القدر الذي ليس فوقه قدر، أو يكون كان على مشهورا بإعطاء الزكاة وهو يصلى.

(1) في الأصل: " وقرب " (2) في الأصل: " أسعد.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»