العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٧
التقليد والنشو والألف لما عليه الآباء وتعظيم الكبراء، معرفة ويقينا.
وليس بيقين ما اضطرب ودخله الخلاج عند ورود معاني لعل وعسى، وما لا يمكن (1) في العقول إلا بحجة تخرج القلب إلى اليقين عن التجويز.
ولقد أعيانا أن نجد هذه المعرفة إلا في الخاص من الرجال وأهل الكمال في الأدب، فكيف بالطفل الصغير والحدث الغرير؟! مع أنك لو أدرت (2) معاني بعض ما وصفت لك على أذكى صبي في الأرض وأسرعه قبولا وأحسنه حكاية وبيانا (3)، وقد سويته [له (4)] ودللته، وقربته [منه] وكفيته مؤونة الروية ووحشة (5) الفكرة. لم يعرف قدره ولا فصل بين حقه من باطله، ولا فرق بين الدلالة وشبيه الدلالة، فكيف له بأن يكون هو المتولى لتجربته (6) وحل عقده، وتخليص متشابهه، واستثارته من معدنه؟!
وكل كلام خرج من التعارف فهو رجيع بهرج، ولغو ساقط.
فصل (7): وقد نجد الصبى الذكي يعرف من العروض وجها، ومن النحو صدرا، ومن الفرائض أبوابا، ومن الغناء أصواتا، فأما العلم بأصول الأديان ومخارج الملل، وتأويل الدين، والتحفظ من البدع، وقبل ذلك الكلام في حجج العقول، والتعديل والتجوير، والعلم بالاخبار وتقدير

(1) هذا الصواب من ب. وفى الأصل: " ومما لا ينكر ".
(2) في الأصل، ب: " أردت " والوجه ما أثبت.
(3) الكلمة مبهمة في الأصل، وتوضيحها من ب.
(4) التكملة من ب.
(5) في الأصل: " وحثبته " صوابه في ب.
(6) في الأصل: " لحرثه " وصوابه في ب.
(7) ليست في ب.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»