قالت (العثمانية) عند ذلك: قد عرفنا أن بعضهم قد نقل أن عليا كان أول من أسلم، وقد نقلوا بأجمعهم أنه كان أول من أسلم. وبين قول القائل أسلم فلان أول الناس وبين أن يقول أسلم في أوائل الناس فرق. فأما أن يكون واحد من جميع الصنفين من البعض والجميع فسر مع روايته ومخرج خبره كيف كان إسلامه، أعلى وجه الدعاء والتكليف أم على وجه التلقين والتربية، فلم نر أحدا منهم ميز ذلك ولا فرقه في مخرج الخبر. ونحن لم ندع أن إسلامه كان إسلام تلقين من قبل تفسير الناقلين وتمييز المحدثين، ولكنا نظرنا في التاريخ فعرفنا عمره وابن كم كان يوم توفى، وعرفنا موضع اختلافهم واجتماعهم، فأخذنا أوسطه إذ كان أعدل ما فيه، وأسقطنا قول من كثر وقلل، ثم ألقينا منه سنيه إلى عام إسلامه فوجدنا ذلك يوجب أنه كان ابن سبع. ولو أخذنا أيضا بقول المكثر فجعلناه ابن تسع، وتركنا قول من قلل وقول المقتصد، علمنا بذلك أيضا أن إسلامه كان إسلام تربية وتأديب وتلقين، كما أخذ الله على المسلمين أن يأخذوا به أولادهم.
وقالت (العثمانية) للعلوية: إنا لم ندع أنه أسلم وهو ابن سبع فإنا وجدنا ذلك قائما في خبرهم مفسرا في شهادتهم، ولكنه علم مستنبط من أخبارهم، ومستخرج من آثارهم عند المقابلة والموازنة. ومثل ذلك لو أن رجلا قال لرجل: خذ عشرة في عشرة، كان ذلك في المعنى كقوله: " خذ مائة " وإن لم يكن سماها له ولا ذكرها بلسانه.
وقالوا: ولولا أن من شأننا الاخذ بالقسط، والحكم بالعدل لأخذنا الشيع بقولهم في عمره وبقول ولده، فإن أحدهما يزعم أن عليا توفى وهو ابن سبع وخمسين. وقال الآخرون: بل توفى وهو ابن ثمان