العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٩٧
بعيد الهمة حامل في هدوء الناس وأمنهم، فهو لا يألو إضرام الفتنة، وتهييج السفلة، يرى أن في الهيج ظهور نجدته، وخروجه من الخمول إلى النباهة، ومن الاقلال إلى الاكثار.
ومن رجل دخل في الاسلام مع من دخل في دين الله، دخل من الأفواج. لا يعرف حقيقته، ولا يستريح به إلى الثقة.
ومن رجل أخافه السيف، واتقى الذل والقتل بإسلامه ونفاقه، كمنافقي المدينة ومن حولها من أهل القرى والبادية، يعضون على المسلمين الأنامل بالغيظ، وهم البطانة لا يألون خبالا، يترقبون الدوائر، وينفرجون إلى الأراجيف، ويستريحون إلى الأماني.
ومن رجل صاحب سلم، يدين لمن غلب، لا يدفع مبطلا ولا يعين محقا. يرى أن صلاح خاصته هو صلاح العامة.
ثم الذي كان من وثوب الأنصار، وهم أهل العدد وأصحاب الدار والأموال، على أمر لو تابعهم المهاجرون عليه حتى يكون من كل فرقة أمير، لفتحت بذلك بابا من الفساد لا يقوى أحد على سده، ولكان الذي يقع بين الأوس والخزرج في الامر أشد مما كان يخاف منها ومن قريش، لان القرابة كلما كانت أمس، والجوار أقرب، كانت العداوة على قدر ذلك.
ولو أن الأنصار حين أتاهم أبو بكر فأظهروا الشقاق والخلاف... (1) عن الحق وجهلوه، ما كان لهم دون البوار مانع، ولكان غير مأمون وثوب من بالمدينة ومن حولها من المنافقين وأشباههم، من الحشو

(1) بياض في الأصل بقدر ثلاث كلمات.
(١٩٧)
مفاتيح البحث: النفاق (1)، الخوف (1)، الغلّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»