العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٩٤
وإذا كان النبي صلى الله عليه مع رجاحته على جميع الخلق لم يسلم على أمته [من] المستجيبين له، فضلا على جاحديه والمنكرين له، كان أبو بكر أجدر ألا يسلم من رعيته.
ولقد قام رجل إلى النبي صلى الله عليه فقال: والله يا محمد ما عدلت في الرعية، ولا قسمت بالسوية. وقال الله: " ومنهم من يلمزك في الصدقات (1) " وقال: " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات (2) ".
وقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع (3) فما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس من المجمع في شعر له طويل.
وقال أبو حذيفة بن عتبة (4) يوم بدر: يقتل أبناءا وأعمامنا وينهانا عن عشيرته (5) والله لئن أدركته لألجمنه بالسيف!
وخالفوا عليه في يوم الحديبية في نحر الهدى، وحيث قالوا:
" لا نعطى الدنية مرة بعد مرة " في أمور كثيرة.
فليس في طعن الطاعن دلالة إذا كان المطعون عليه كاملا فاضلا.

(1) الآية 58 من سورة التوبة، وانظر تفسير أبى حيان 5: 55.
(2) الآية 4 من سورة الحجرات.
(3) انظر الخزانة 1: 73. والعبيد: اسم فرس العباس. عيينة بن حصن الفزاري.
والأقرع بن حابس المجاشعي التميمي. أعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بعير وكان من المؤلفة قلوبهم، وأعطى عباس بن مرداس أباعر فسخطها.
(4) الإصابة 263 من باب الكنى، والسيرة في مواضع كثيرة. وفى الأصل: " عيمه ".
(5) في الأصل " عسره "؟
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»