العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٥٧
ووزارتي (1)، فكيف يقول: إلا أنه لا نبي بعدي. والنبوة منزلة من الله لهارون وليست منزلة لهارون من موسى. فإذا كان ذلك كذلك فكيف يستثنى الحكيم المرشد الشئ من [غير] شكله؟! وهل يكون بعض من غير كله؟!
وكيف يقول: قد جعلتك خليفتي ووزيرا، إلا أنى لم أجعلك نبيا مثلي، ومنزلة النبوة ليست إليه كما كانت منزلة الخلافة والوزارة إليه.
وإنما قوله: " أنت منى بمنزلة هارون من موسى " يريد به: إن لك منى مثل الذي كان لهارون من موسى، وهو الخلافة والوزارة. فكيف يقول: " إلا أنه لا نبي بعدي " فيستثنى ما لا يملكه ولا يجوز أن يملكه، مما قد ملكه ويجوز أن يملكه من هو دونه من خلفائه ومن خلفاء خلفائه.
أو يكون هارون كان وزير موسى على جهة المؤازرة والمعاونة، وعلى أن يكون كل واحد منهما وزير صاحبه وخليفته عند الغيبة وحضور الآخر، ليس أنه قد كان خليفة ووزيرا، وإن كان ذلك كذلك فليست لهارون من موسى منزلة من الوزارة والخلافة إلا ولموسى من هارون مثلها. وإذا كان ذلك كذلك فقد صارت خلافتهما ووزارتهما كنبوتهما أو رسالتهما. وإذا كان ذلك كذلك فكيف يجوز أن يقول النبي صلى الله عليه لعلى: أنت منى بمنزلة هارون من موسى، وليست لهارون من موسى منزلة إلا ولموسى مثلها من هارون؟!. وكيف يجوز أن يقول النبي صلى الله عليه ذلك لعلى ومنزلة هارون من موسى منزلة النبي من

(1) في الأصل: " فإنما قال ذلك خلافتي ووزارتي ".
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»