التناقض، والحق لا يتناقض. وفى هذا دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتكلم بذلك ولا قاله، لان الخبر إذا خرج مخرج العام في تفضيل أبى بكر، وكذلك في تفضيل على، فليس له وجه إلا ما قلنا، إلا أن يكون النبي صلى الله عليه قد قال أحد القولين وصحت به الشهادة، ولم يقل الآخر وإنما ولدته الرجال، وصنعته حملة السير. ولا سبيل لنا إلى معرفة ذلك إذا كان الاسناد متساويا، وعند الرجال متقاربا. وليس في هذه الأحاديث كلها حديث يضطر خصمه إلى معرفة صحته، أو يكون النبي صلى الله عليه قد تكلم بكثير من هاتين الروايتين وكان معناه وقصده فيها معروفا عند من كان بحضرته، حتى كان الجميع يعرفون خاصه من عامه. ولكن الناقلين احتملوها عن السلف مجردة (1) بغير تأويل معانيها، فأدوها على اللفظ العام، فصار السامع يتناقض عنده إذا قابل بعضها ببعض، لجهله بأصول مخارجها، وكيف كان موقعها.
والذي فسرت لك مثل تعرف به سمت الحجة. وقصد السبيل.
وهو كما نقلوا أن النبي صلى الله عليه قال: " ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " ولم يكن بالنبي صلى الله عليه إلى استثناء نفسه حاجة، لمعرفته باستغناء الناس عن ذلك.
وقد عرفنا بوجه آخر أن حديث أبي ذر كان مخرجه مخرج العام وأنه خاص وإن لم تكن خصوصيته موجودة في لفظ الحديث، لأنك إذا سألت الشيع فقلت: أي الرجلين كان أصدق عند النبي صلى الله عليه: