العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٤٣
سقم ولا يبرد من حيرة. وإنما الخبر الصحيح الذي لا يعتمد (1) بضعف الاسناد، ولا يترك لضعف الأصل، ولا يوقف فيه لكثرة المعارض والمناوئ (2)، كنحو ما روينا من مآثرهم في مقاماتهم ومشاهدهم، وكصنيع على ومؤازرته ببدر، وككون أبى بكر في العريش. وهذا مالا يتدافع ولا يتناقض، لان قتل على الاقران ببدر ليس بناقض لكون أبى بكر في العريش، ولان موقف على بأحد لا يدفع كون أبى بكر في الغار، ولان صنيع على بخيبر لا يدفع إنفاق أبى بكر الأموال، وعتقه الرقاب.
فهذا وما أشبهه مما لا تجد له رادا ودافعا، وليس هذا من شكل ما قالوا: أن النبي صلى الله عليه قال: " اقتدوا بالذين من بعدي بأبي بكر وعمر " ونقلهم أن النبي صلى الله عليه قال لعلي: " أنت منى بمنزلة هارون من موسى ". وكما نقلوا أن النبي صلى الله عليه آخى بين نفسه وبين على، وأن النبي قال: " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا " في أشباه لهذا قد حكيت لك في صدر الكتاب، لتعرف مجرى الكلام في السلف.
فإن قالوا: فلعل النبي قال: " اقتدوا بالذين من بعدي " وقد كان معلوما في [ذلك] الوقت أن عليا كان مستثنى في هذا القول.
قيل لهم: ولعله قال: " من كنت مولاه فعلى مولاه " [و] قد كان معلوما في ذلك الوقت أن أبا بكر كان مستثنى.

(1) كذا في الأصل.
(2) في الأصل: " المساوى ".
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»