العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٨٤
نبي قط إلا دفن حيث يقبض " فخطوا حول فراشه ثم حولوا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفراش في ناحية البيت. فلم نجد الناس احتاجوا مع خبره إلى شاهد، ولم يختلف عليه في ذلك رجلان.
ولا أظهر الشك في خبره إنسان واحد قريب ولا بعيد. هذا والمنزل منزل ابنته، وهو في موضع جر منفعة وكما تكون المنفعة، وهى المأثرة العظمى والشرف الاعلى.
فمن لم يتهم في خبره على هذه الحال ومع هذه العلة حتى قبلت شهادته وحده، لجدير ألا يتقدمه أحد في القدر والعم. والأمانة والصدق.
ومما يدل على أنه كان ثابتا عندهم قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وروايته عنه، وذلك أن عليا قال: كنت إذا سمعت من النبي عليه السلام حديثا ينفعني الله بما شاء منه، فإذا حدثني غيره استحلفته (1)، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر حدثني - وصدق أبو بكر - أن النبي صلى الله عليه قال: " ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلى ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له (2) ".
وهذا حديث ما سمعت له براد إلا أهل الغلو من الروافض. وقد قال قوم منهم: إنما كان هذا من على على التقية للعوام (3)، لطاعة العوام لأبي بكر وعمر. وما في هذا من التقية؟ أن يصدق رجلا على خبره وأن يكذب غيره (4) أو يؤمن غيره. وإن هذا من أخلاق الناس

(١) في الرياض النضرة ١: ١٤٣: " ينفعني الله بما شاء، فإذا حدثني عنه غيره استحلفته ".
(٢) قال المحب الطبري في الرياض: " خرجه النسائي والحافظ في الأربعين البلدانية ".
(3) في الأصل: " للغرام ".
(4) في الأصل: " وأن يكون عنده ".
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»