وردان فحمدوا الله على سلامته وكان أقبل الليل فلما أصبح صلى عمرو بالناس صلاة الفجر وأمرهم بالتأهب للقتال وإذا برسول الملك قد أقبل وقال له أن الملك ينتظرك أنت والعشرة فقال عمرو ان الغدر يهلك أصحابه وأهله وان على الباغي تدور الدوائر يا ويلكم ينفذ صاحبكم يطلب منا رسولا فلما أتيته أراد أن يقض علي وقال كذا وكذا فأنت يا ويلك ما الذي يمنعني عنك إذا أردت قتلك ولسنا نحن ممن يخون ويغدر ارجع اليه وقل له اني فهمت ما قاله وما بقي بيننا وبينه الا الحرب قال ابن إسحاق رحمه الله ورضي عنه هكذا وقع له مع القبط وكان عمرو إذا ذكر ذلك يقول لا والذي نجاني من القبط قال وعاد الرسول وأخبر الملك بما قاله عمرو فعند ذلك قال أريد أن أدبر حيلة أدهمهم بها فقال الوزير اعلم أيها الملك ان القوم متيقظون لأنفسهم لا يكاد أحد أن يصل إليهم بحيلة ولكن بلغني أن القوم لهم يوم في الجمعة يعظمونه كتعظيمنا يوم الأحد وهو عندهم يوم عظيم وأرى لهم من الرأي أن تكمن لهم كمينا مما يلي الجبل المقطم فإذا دخلوا في صلاتهم يأتي إليهم الكمين ويضع فيهم السيف قال فأجابه الملك إلى ذلك وأقاموا ينتظرون ليلة الجمعة قال وأما عمرو فإنه ارسل يوقنا إلى القرى التي صالحوها ليأتيه منها بما يأكلونه ويعلفون به خيلهم قال فركب يوقنا إلى القرى التي صالحوها وسار في عسكره وبني عمه إلى ما يأتي به ومضى نحو الجرف وكان معهم جواسيس الملك في عسكرهم فاتوا إلى الملك وأخبروه بما جرى من المسلمين فعندها دعا بابن عمه ماسيوس وهو المقدم على جيوش مصر وقال له اختر من جيوشنا أربعة آلاف وأمض بهم وأكمن وراء عسكر المسلمين من جهة الجبل وإياك أن يظهر عليكم أحد وليكن لكم ديدبان فإذا دخل القوم في صلاتهم فاحملوا عليهم وضعوا فيهم السيف قال ففعل ماسيوس ما أمره به الملك ومضى في الليل من نحو مغارة السودان ولم يعلم بهم أحد فلما كان وقت صلاة الجمعة أتاهم الديدبان وأعلمهم أنهم دخلوا في الصلاة وكانوا قد أخذوا بغالا ودواب وحملوها برا وشعيرا وكان قد قال لهم إذا أردتم أن تحملوا عليهم فقدموا الحمول أمامكم فإنهم يأمنون ويحسبون أنها هي التي مضى صاحبهم يأتي بها قال ففعلوا ذلك حدثنا ابن إسحاق حدثنا عمارة بن وهب عن سعيد بن عامر أبا سليمان بن ناقد عن عروة عن جابر عن محمد بن إسحاق قال هكذا دبر عليهم القبط وكان بين القوم وبينهم نصف ميل وليس عند المسلمين خبر ما صنع المشركون وكان سعيد بن نوفل العدوي يقول لعمرو أيها الأمير ما الذي يمسكنا عن قتال هؤلاء القبط فيقول والله ما تأخري جزع وانما قد علمتم
(٥٦)