نية في القتال مع الصحابة فبينما هو متفكر إذ جاءه البشير بقدوم بنته وما معها فخف عنه بعض ما كان يجده فلما دخل عليه قيس رفع مجلسه فوق الملوك والحجاب وأرباب دولته وكانوا قد اجتمعوا يهنئونه بابنته فلما حضر قيس بن سعد سأله الملك عن أشياء لعل أصحابه أن تلين قلوبهم إلى الاسلام فقال يا أخا العرب أخبرني عن صاحبكم ما الذي كان يركب من الخيل قال الأشقر الارتم المحجل في الساق وكان اسمه المترجل فقال لقد بلغنا أنه كان لا يركب الا الجمال فقال قيس ان الله أكرم الإبل وشرفها قال لها كوني فكانت وأخرج ناقة من الصخر وخص بها العرب من دون غيرهم من بني آدم وكان يركبها لكونها قد جعلها الله مباركة تقنع بما تجد وتصبر على الحمل الثقيل والسير الشديد وتصبر عن الماء أياما وقد ذكرها ربنا في قوله في كتابه العزيز فقال وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق وقال * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) * ولما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزواته غزوة بدر كان معه مائة ناضح من الإبل وكان معه فرسان يركب أحدهما المقداد بن الأسود الكندي ويركب الاخر مصعب بن عمير وانا لقينا قريشا في عددها وعديدها فهربوا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أصحابه يتعاقبون في الطريق وكان عليه الصلاة والسلام وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد حليف حمزة بن عبد المطلب وغيرهم يتعاقبون شامخا وكان أيها الملك يركب الحمار الذي أهديته اليه ويردف وراءه معاذ بن جبل وعلى الحمار ركاب من ليف وخطامه ليف واعلم يا ملك القبط أنه كان يخصف نعله ويرقع ثوبه ويقول من رغب عن سنتي فليس مني وكان قميصه من القطن قصير الطول والكمين ليس له ازرار ولقد أهدى اليه ذويزن حلة اشتراها له قومه بثلاثة وثلاثين بعيرا فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة وأهدى له جبة من الشام فلبسها حتى تخرقت وخفين فلبسهما حتى تخرقا وكان له رداء طوله أربعة أذرع وعرضه ذراعات ونصف وكان له ثوب خز يلبسه للوفد إذا قدموا عليه وكان افصح الناس إذا تكلم بكلمة يرددها ثلاثا وكلما رأى قوما سلم عليهم ورأيته كلما تحدث تبسم في حديثه وكان إذا اجتمع اليه أصحابه وأراد ان ينهض قال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك قلنا يا رسول الله ان هذه الكلمات اتخذتهن عادة قال امرني بهن جبريل وأخرجت لنا زوجته لما قبض كساء وازارا غليظين وقالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق هذين فقال المقوقس هذه والله أخلاق الأنبياء فطوبى لمن اتبعه فان أمته هي الأمة الموصوفة في الإنجيل فقال بعض من حضر أيها الملك ما تكون أمة عند
(٥٠)