فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢١٣
منهزما فتبوء بغضب من الله قال يزيد سأصبر جهدي وطاقتي والله أسأله أن يكون معينا لي وناصرا ثم صاح يزيد برجاله وهز الراية وندبهم إلى القتال وحمل على من يليه من الروم فقاتلوا قتالا عظيما ولم يزالوا حتى انكوا العدو نكاية عظيمة وأبلوا بلاء حسنا وكان قتالهم من جانب القلب ولم يزالوا كذلك حتى برز إليهم بطريق من البطارق وبيده رمح عظيم وعليه صليب من الذهب وحوله زهاء من عشرة آلاف فارس من الروم فحملوا على الميمنة وكان فيهم عمرو بن العاس ومن معه فرجعوا على أعقابهم منهزمين حتى دخلت الروم في أوائل عسكر المسلمين مما يلي عمرا ومن معه وهم يتراجعون على الرجال فيكرون تارة ويرجعون تارة حتى تكاثرت عليهم الروم فكشفوهم حتى الصقوهم بالتل الذي عليه النساء وأحاطوا بالتل فصاحت امرأة اين أنصار الدين اين حماة المسلمين وكان الزبير ابن العوام جالسا عند زوجته أسماء بنت أبي بكر الصديق يداوى عينه وكان أرمد فلما سمع صوت المرأة وهي تنادي أين أنصار الدين قال يا أسماء ما لهذه المرأة تصيح اين أنصار الدين فقالت له عفرة ابنة عثمان يا ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم انهزمت ميمنة المسلمين حتى الجاهم الروم الينا وأحاط بنا الاعلاج وهذه نساء الأنصار مستصرخة بانصار الدين فقال الزبير والله اني انا من أنصار الدين ولا يراني الله جالسا في مثل هذا الوقت قال ثم طرح الخرقة عن عينه واستوى جالسا على متن جواده فأخذ قناته وتسمى باسمه وقال في حملته أنا الزيبر بن العوام أنا ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يطعن فيهم طعنا متداركا حتى ردهم على أعقابهم وخيلهم تنكص بأذنابها قال ليث بن جابر فلله در الزبير بن العوام لقد رد الروم بنفسه وحده إذ حمل عليهم وما كان معه من العرب أحد حتى ردهم إلى عسكرهم وتراجعت خيل عمرو ورجاله وهو ينادي الرجعة الرجعة الحزم الحزم يا أهل الاسلام الصبر الصبر فتراجعوا بعد أدبارهم قال الواقدي وحمل جرجير الأرمني في ثلاثين ألفا من الأرمن على شرحبيل ابن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكشف أصحاب شرحبيل بن حسنة ولم يثبت غيره لقتال الروم في عصبة من قومه دون الخمسمائة فجعل شرحبيل يحمل على الأرمن وهو يقول يا أهل الاسلام لا فرار من الموت الصبر الصبر قال فتراجع أصحابه اليه وحملوا على الأرمن فردوهم على أعقابهم وجعلوا يضربون فيهم حتى أصابوا من الأرمن ما لم يصبه الأرمن منهم فرجع شرحبيل إلى مكانه ودار به أصحابه فجعل يعنفهم بالقتال ويقول لهم ما الذي أصابكم حتى انهزمتم أمام هؤلاء الكفرة وأنتم الحماة البررة وأهل القرآن وعباد الرحمن أما سمعتم قوله عز وجل ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير وقال وقال الله تعالى أن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»