معمول من الرخام المصور المنقوش في يوم العيد الذي يجتمع فيه أهل المملكة إلى ذلك البيت بعد انقضاء الصلاة والتبرك فيتكلم بالحكمة التي حفظها وينطق بالأدب الذي وعاه على رؤوس الأشهاد في وسطهم وعليه التاج وحلل الجواهر ويحيي المعلم ويكرم ويبر ويشرف الغلام ويعد حكيما على قدر ذكائه وفهمه وتعظم الهياكل وتستر ويشعل فيها النيران والشمع وتبخر بالدخن الطيبة ويتزين الناس بأنواع الزينة وبقي ذلك إلى اليوم للصابئة والمجوس واليهود والنصارى إثباتات في الهياكل وللمسلمين منابر في المساجد قال حنين بن إسحاق وكان أفلاطون المعلم الحكيم في زمن روفسطانيس الملك وكان اسم ابنه نطافورس وكان أرسطوطاليس غلاما يتيما قد سمت به همته إلى خدمة أفلاطون الحكيم فاتخذ روفسطانس الملك بيتا للحكمة وفرشه لابنه نطافورس وأمر أفلاطون بملازمته وتعليمه وكان نطافورس غلاما متخلفا قليل الفهم بطيء الحفظ وكان أرسطوطاليس غلاما ذكيا فهما جادا معبرا وكان أفلاطون يعلم نطافورس الحكمة والآداب فكان ما يتعلمه اليوم ينساه غدا ولا يعبر حرفا واحدا وكان أرسطوطاليس يتلقف ما يلقى إلى نطافورس فيحفظه ويرسخ في صدره ويعي ذلك سرا عن أفلاطون ويحفظه وأفلاطون لا يعلم بذلك من سر أرسطوطاليس وضميره حتى إذا كان يوم العيد زين بيت الذهب وألبس نطافورس الحلى والحلل وحضر الملك روفسطانس وأهل المملكة وأفلاطون وتلاميذه وانقضت الصلاة وصعد أفلاطون الحكيم ونطافورس إلى مرتبة الشرف ودراسة الحكم على الأشهاد والملوك فلم يؤد الغلام نطافورس شيئا من الحكمة ولا نطق بحرف من الآداب فأسقط في يد أفلاطون واعتذر إلى الناس بأنه لم يمتحن علمه ولا عرف مقدار فهمه وأنه كان واثقا بحكمته وفطنته ثم قال يا معشر التلامذة من فيكم يضطلع بحفظ شيء من الحكمة وينوب عن نطافورس فبدر أرسطوطاليس فقال أنا أيها الحكيم فازدراه ولم يأذن له في الكلام ثم أعاد القول على تلامذته فبدرهم أرسطوطاليس فقال أنا يا معلم الحكمة أضطلع بما ألقيت من الحكمة إلى نطافورس فقال له أرق فرقي أرسطوطاليس الدرج بغير زينة ولا استعداد في أثوابه الدنيئة المبتذلة فهدر كما يهدر الطير وأتى بأنواع الحكمة والأدب الذي ألقاه أفلاطون إلى نطافورس ولم يترك منها حرفا واحدا فقال أفلاطون أيها الملك هذه الحكمة التي لقنتها نطافورس قد وعاها أرسطوطاليس سرقة وحفظها سرا ما غادر منها حرفا فما حيلتي في الرزق والحرمان وكان الملك في مثل ذلك اليوم يرشح ابنه للملك ويشرفه ويعلي مرتبته فأمر الملك باصطناع أرسطوطاليس ولم يرشح ابنه للملك وانصرف الجميع في ذلك اليوم على استحسان ما أتى به أرسطوطاليس والتعجب من الرزق والحرمان مقالة أرسطوطاليس قال حنين بن إسحاق هذا بعض ما وجدت من حكمة أرسطوطاليس في ذلك اليوم
(٩٦)