عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٧٢٨
وللصاحب أمين الدولة من الكتب كتاب النهج الواضح في الطب وهو من أجل كتاب صنف في الصناعة الطبية وأجمع لقوانينها الكلية والجزئية وهو ينقسم إلى كتب خمسة الكتاب الأول في ذكر الأمور الطبيعية والحالات الثلاث للأبدان وأجناس الأمراض وعلائم الأمزجة المعتدلة والطبيعية والصحية للأعضاء الرئيسية وما يقرب منها ولأمور غيرها شديدة النفع يصلح أن تذكر في هذا الموضع ويتبعها بالنبض والبول والبراز والبحران الكتاب الثاني في الأدوية المفردة وقواها الكتاب الثالث في الأدوية المركبة ومنافعها الكتاب الرابع في تدبير الأصحاء وعلاج الأمراض الظاهرة وأسبابها وعلائمها وما يحتاج إليه من عمل اليد فيها وفي أكثر المواضع ويذكر فيه أيضا تدبير الزينة وتدبير السموم الكتاب الخامس في ذكر الأمراض الباطنة وأسبابها وعلائمها وعلاجها وما يحتاج إليه من عمل اليد مهذب الدين عبد الرحيم بن علي هو شيخنا الإمام الصدر الكبير العالم الفاضل مهذب الدين أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد ويعرف بالدخوار وكان رحمه الله أوحد عصره وفريد دهره وعلامة زمانه وإليه انتهت رياسة صناعة الطب ومعرفتها على ما ينبغي وتحقيق كلياتها وجزئياتها ولم يكن في اجتهاده من يجاريه ولا في علمه من يماثله أتعب نفسه في الاشتغال وكد خاطره في تحصيل العلم حتى فاق أهل زمانه في صناعة الطب وحظي عند الملوك ونال من جهتهم من المال والجاه ما لم ينله غيره من الأطباء إلى أن توفي وكان مولده ومنشؤه بدمشق وكان أبوه علي بن حامد كحالا مشهورا وكذلك كان أخوه وهو حامد بن علي كحالا وكان الحكيم مهذب الدين أيضا في مبدأ أمره يكحل وهو مع ذلك مواظب على الاشتغال والنسخ وكان خطه منسوبا وكتب كتبا كثيرة بخطه وقد رأيت منها نحو مائة مجلد أو أكثر في الطب وغيره واشتغل بالعربية على الشيخ تاج الدين الكندي أبي اليمن ولم يزل مجتهدا في تحصيل العلوم وملازمة القراءة والحفظ حتى في أوقات خدمته وهو في سن الكهولة وكان في أول اشتغاله بصناعة الطب قد قرأ شيئا من المكي على الشيخ رضي الدين الرحبي رحمه الله ثم بعد ذلك لازم موفق الدين بن المطران وتتلمذ له واشتغل عليه بصناعة الطب ولم يزل ملازما له في أسفاره وحضره إلى أن تميز ومهر واشتغل بعد ذلك أيضا على فخر الدين المارديني لما ورد إلى دمشق في سنة تسع وسبعين وخمسمائة بشيء من القانون لابن سينا وكان فخر الدين المارديني كثير الدراية لهذا الكتاب والتحقيق لمعانيه وخدم الحكيم مهذب الدين الملك العادل أبا بكر بن أيوب بصناعة الطب وكان السبب في ذلك أنه في أول أمره كان يعاني صناعة الكحل ويحاول أعمالها وخدم بها في البيمارستان الكبير الذي أنشأه ووقفه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ثم بعد ذلك لما اشتغل على ابن المطران ورسم بصناعة الطب أطلق له الصاحب صفي الدين بن شكر وزير الملك العادل أبي بكر بن أيوب جامكية على الطب وخدم بها وهو مع ذلك يشتغل ويتزيد في العلم والعمل ولا
(٧٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 723 724 725 726 727 728 729 730 731 732 733 ... » »»