وتملأ به الضرع وتحيي به الأرض بعد موتها فوالله ما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى نحره حتى التقت السماء بأرواقها وجاءه أهل البطانة يضجون يا رسول الله الغرق الغرق فأومأ بطرفه إلى السماء وضحك حتى بدت نواجذه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالأكليل ثم قال لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه من ينشدنا قوله فقال علي عليه السلام يا رسول الله لعلك أردت (وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل) (تطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل) (كذبتم وبيت الله رب محمد * ولما نقاتل دونه ونناضل) (ولا نسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل) الطويل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل ثم قام رجل من كنانة فأنشده (لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر) (دعا الله خالقه دعوة * إليه وأشخص منه البصر) (فما كان إلا كما ساعة * وأسرع حتى رأينا الذرر) (دفاق العزالى وجم البعاق * أغاث به الله عليا مضر) (فكان كما قال عمه * أبو طالب ذا رواء غرر) (به يسر الله صوب الغمام * فهذا العيان لذاك الأثر) (فمن يشكر الله يلقى المزيد * ومن يكفر الله يلقى الغير) المتقارب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس إن يك شاعرا أحسن فقد أحسنت وأخبرني سديد الدين بن رقيقة أن مولده في سنة أربع وستين وخمسمائة بمدينة حيني ونشأ بها ولما كان فخر الدين المارديني بمدينة حيني وصاحبها نور الدين بن جمال الدين بن أرتق كان قد عرض لنور الدين مرض في عينيه فداواه الشيخ فخر الدين مدة أيام ثم عزم على السفر وأشار على نور الدين ابن ارتق بأن يداويه سديد الدين بن رقيقة فعالجه سريعا وبرا برءا تاما وأطلق له جامكية وجراية في صناعة الطب وقال لي سديد الدين أن عمره يومئذ كان دون العشرين سنة واستمر في خدمته ثم خدم بعد ذلك الملك المنصور محمد صاحب حماه ابن تقي الدين عمر وبقي معه مدة ثم سافر إلى خلاط وكان صاحبها في ذلك الوقت الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل
(٧٠٥)