عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٦٩٩
تدبير دولته والنظر في ذلك فما فعل واقتصر على مداومة صناعة الطب فقط وكان قد عرض للحكيم يعقوب في رجليه نقرس وكان يثور به في أوقات ويألم بسببه وتعسر عليه الحركة فكان الملك المعظم يستصحبه في أسفاره معه في محفة ويفتقده ويكرمه غاية الإكرام وله منه الجامكية السنية والإحسان الوافر وقال له يوما يا حكيم لم لا تداوي هذا المرض الذي في رجليك فقال يا مولانا الخشب إذا سوس ما يبقى في إصلاحه حيلة ولم يزل في خدمته إلى أن توفي الملك المعظم وكانت وفاته رحمه الله في الساعة الثالثة من نهار يوم الجمعة سلخ ذي القعدة سنة أربع وعشرين وستمائة بدمشق وملك بعده ولده الملك الناصر داود فدخل إليه الحكيم يعقوب ودعا له وذكره بقديم صحبته وسالف خدمته وأنه قد وصل إلى سن الشيخوخة والهرم والضعف وأنشده (أتيتكم وجلابيب الصبا قشب * فكيف أرحل عنكم وهي أسمال) (لي حرمة الضيف والجار القديم ومن * أتاكم وكهول الحي أطفال) البسيط وهذا الشعر لابن منقذ رحمه الله فأحسن إليه الملك الناصر إحسانا كثيرا وأطلق له مالا وكسوة وأمر بأن جميع ما قد كان له مقررا من الملك المعظم يستمر وأن لا يكلف لخدمة فبقي كذلك مديدة ثم توفي بدمشق في عيد الفصح للنصارى وذلك في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وستمائة سديد الدين أبو منصور هو الحكيم الأجل العالم أبو منصور ابن الحكيم موفق الدين يعقوب بن سقلاب من أفاضل الأطباء وأعيان العلماء متميز في علم صناعة الطب وعملها متقن لفصولها وجملها اشتغل على والده وعلى غيره بصناعة الطب وقرأ أيضا بالكرك على الإمام شمس الدين الخسروشاهي كثيرا من العلوم الحكمية وخدم الحكيم سديد الدين أبو منصور الملك الناصر صلاح الدين داود ابن الملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب وأقام في صحبته بالكرك وكان مكينا عنده معتمدا عليه في صناعة الطب ثم أتى أبو منصور إلى دمشق وتوفي بها رشيد الدين ابن الصوري هو أبو المنصور بن أبي الفضل بن علي الصوري قد اشتمل على جمل الصناعة الطبية واطلع على
(٦٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 694 695 696 697 698 699 700 701 702 703 704 ... » »»