عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٦٦٩
ابن محمد دمشق وصل معه إلى دمشق وصار مكينا في دولته وجيها في أيامه معانيا للصناعة الطبية معينا في الإمره والجندية ولذلك قلت فيه (وما زال زين الدين في كل منصب * له في سماء المجد أعلى المراتب) (أمير حوى في العلم كل فضيلة * وفاق الورى في رأيه والتجارب) (إذا كان في طب فصدر مجالس * وإن كان في حرب فقلب الكتائب) (ففي السلم كم أحيا وليا بطبه * وفي الحرب كم أفنى العدا بالقواضب) الطويل ولم يزل الملك الناصر بدمشق وهو عنده حتى جاءت رسل التتر من الشرق إلى الملك الناصر وهم في طلب البلاد والتشرط عليه بما يحمله إليهم من الأموال وغيرها فبعث زين الدين الحافظي رسولا إلى خاقان هولاكو ملك التتر وسائر ملوكهم فأحسنوا إليه الإحسان الكثير واستمالوه حتى صار من جهتهم ومازجهم وتردد في المراسلة مرات وأطمع التتر في البلاد وصار يهول على الملك الناصر أمورهم ويعظم شأنهم ويفخم مملكتهم ويصف كثرة عساكرهم ويصغر شأن الملك الناصر ومن عنده من العساكر وكان الملك الناصر مع ذلك جبانا متوقفا عن الحرب ولما جاءت التتر إلى حلب وكان هولاكو قد نازلها بقوا عليها نحو شهر وملكوها وقتلوا أهلها وسبوا النساء والصبيان ونهبوا الأموال وهدموا القلعة وغيرها هرب الملك الناصر يوسف من دمشق إلى مصر وقصد أن يملكها فخرجت عساكر مصر وملكها يومئذ الملك المظفر سيف الدين قطز فكسر الملك الحافظ وتفرقت عساكره وزال ملكه وملكت التتر دمشق بالأمان وجعلوا فيها نائبا من جهتهم وصار زين الدين أيضا بها وأمروه وبقي معه جماعة أجناد حتى كانوا يدعونه الملك زين الدين ولما وصل الملك المظفر قطز صاحب مصر ومعه عساكر الإسلام وكسر التتر في وادي كنعان الكسرة العظيمة المشهورة وقتل من التتر الخلق العظيم الذي لا يحصى انهزم نائب التتر ومن معه من دمشق وراح زين الدين الحافظي معهم خوفا على نفسه من المسلمين وصارت بلاد الشام بحمد الله إلى ما كانت عليه وملكها بعد الملك المظفر قطز رحمه الله السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس وصار صاحب الديار المصرية والشام خلد الله ملكه أبو الفضل بن عبد الكريم المهندس هو مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارثي مولده ومنشؤه بدمشق وكان يعرف بالمهندس لجودة معرفته بالهندسة وشهرته بها قبل أن يتحلى بمعرفة صناعة الطب وكان
(٦٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 674 ... » »»