عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٦٧٢
المحرم سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي وبعد ذلك خدم الملك الأشرف أبا الفتح موسى بن أبي بكر بن أيوب وأقام معه في بلاد الشرق وله منه الإحسان الكثير والإفضال الغزير والجامكية الوافرة والصلات المتواترة وكان حظيا عنده مكينا في دولته ولم يزل في خدمته إلى أن أتى الملك الأشرف إلى دمشق وتسلمها من ابن أخيه الملك الناصر داود بن الملك المعظم وذلك في شعبان سنة ست وعشرين وستمائة فأتى معه إلى دمشق وبقي بها ثم ولاه السلطان رئاسة الطب ولم يزل في خدمته إلى أن توفي الملك الأشرف وكانت وفاته رحمه الله بقلعة دمشق أول نهار يوم الخميس رابع المحرم سنة خمس وثلاثين وستمائة ثم بعد ذلك لما ملك دمشق الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب في العشر الأول من جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة أمر باستخدامه وأن يقرر له جميع ما كان باسمه من أخيه الملك الأشرف وبقي في خدمته مدة يسيرة وتوفي الملك الكامل رحمه الله وذلك في ليلة الخميس أول الليل ثاني وعشرين رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة ولم يزل الحكيم سعد الدين مقيما بدمشق وله مجلس عام للمشتغلين عليه بصناعة الطب إلى أن توفي رحمه الله وكانت وفاته بدمشق في شهر جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وستمائة وللشريف البكري في الحكيم سعد الدين من أبيات (حكيم لطيف من لطافة وصفه * يود المعافى السقم حتى يعوده) الطويل رضي الدين الرحبي هو الشيخ الحكيم الإمام العالم رضي الدين أبو الحجاج يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي من الأكابر في صناعة الطب والمتعينين من أهلها وله القدم والاشتهار والذكر الشائع عند الخواص والعوام ولم يزل مبجلا عند الملوك وغيرهم كثيري الاحترام له وكان كبير النفس عالي الهمة كثير التحقيق حسن السيرة محبا للخير وأهله شديد الاجتهاد في مداواة المرضى رؤوفا بالخلق طاهر اللسان ما عرف منه في سائر عمره أنه آذى أحدا ولا تكلم في عرض غيره بسوء وكان والده من بلد الرحبة وله أيضا نظر في صناعة الطب إلا أن صناعة الكحل كانت أغلب عليه وعرف بها وكان مولد الشيخ رضي الدين بجزيرة ابن عمر ونشأ بها وأقام أيضا بنصيبين وبالرحبة سنين وسافر أيضا إلى بغداد وإلى غيرها واشتغل بصناعة الطب وتمهر فيها واجتمع أيضا في ديار
(٦٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 667 668 669 670 671 672 673 674 675 676 677 ... » »»