عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٣
وقال اقنعوا بالقوت والغوا عنكم اللجاجة لتكون لكم قربى إلى الله عز وجل لأن الله سبحانه وتعالى غير محتاج إلى شيء فكلما احتجتم أكثر كنتم منه أبعد واهربوا من الشرور ذروا المآتم وأطلبوا من الخيرات الغايات وقال المالك للشيء هو المسلط عليه فمن أحب أن يكون حرا فلا يهو ما ليس له وليهرب منه وإلا صار له عبدا وقال ينبغي للمرء أن يكون في دنياه كالمدعو في الوليمة إذا أتته الكأس تناولها وإن جازته لم يرصدها ولم يقصد لطلبها وكذلك يفعل في الأهل والمال والولد وقال لتلميذ له إن أحببت أن لا تفوتك شهوتك فاشته ما يمكنك وسئل عن أشياء قبيحة فسكت عنها فقيل له لم لا تجيب عنها فقال جوابها السكوت عنها وقال الدنيا غير باقية فإذا أمكن الخير فاصطنعوه وإذا عدمتم ذلك فتحمدوا واتخذوا من الذكر أحسنه وقال لولا العمل لم يطلب العلم ولولا العلم لم يطلب العمل ولأن ادع الحق جهلا به أحب إلي من أن أدعه زهدا فيه وقال لا ينبغي أن تكون علة صديقك وأن طالت آلم به من تعاهدك له وكان يقول العلم روح والعمل بدن والعلم أصل والعمل فرع والعلم والد والعمل مولود وكان العمل لمكان العلم ولم يكن العلم لمكان العمل وكان يقول العمل خادم العلم والعلم غاية والعلم رائد والعمل مرسل وقال إعطاء المريض بعض ما يشتهيه أنفع من أخذه بكل ما لا يشتهيه أقول وأبقراط هو أول من دون صناعة الطب وشهرها وأظهرها كما قلنا قبل وجعل أسلوبه في تأليف كتبه على ثلاث طرائق من طرق التعليم إحداها على سبيل اللغز والثانية على غاية الإيجاز والاختصار والثالثة على طريق التساهل والتبيين والذي انتهى إلينا ذكره ووجدناه من كتب أبقراط الصحيحة يكون نحو ثلاثين كتابا والذي يدرس من كتبه لمن يقرأ صناعة الطب إذا كان درسه على أصل صحيح وترتيب جيد اثنا عشر كتابا وهي المشهورة من سائر كتبه
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»