عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤٢
فذلك ينافي قول من يرى أن صناعة الطب أول من دونها وأثبتها في الكتب أبقراط إذ كان هؤلاء الذين قد ألفوا هذه الكتب من قبل أبقراط بمدة طويلة ولما توفي أفلاطن خلف من تلاميذه من أولاده وأقربائه ستة وهم ميرونس وأفرده بالحكم على الأمراض وفورونوس وأفرده بالتدبير للأبدان وفوراس وأفرده بالفصد والكي وثافرورس وأفرده بعلاج الجراحات وسرجس وأفرده بعلاج العين وفانيس وأفرده بجبر العظام المكسورة وإصلاح المخلوعة ولم يزل الطب يجري أمره على سداد بين هؤلاء التلاميذ وبين من خلفوه إلى أن ظهر أسقليبيوس الثاني وأسقليبيوس الثاني هو السادس من الأطباء المشهورين الثمانية الذين تقدم ذكرهم وكانت مدة حياته مائة وعشر سنين منها صبي ومتعلم خمس عشرة سنة وعالم ومعلم خمسا وتسعين سنة منها عطل خمس سنين وكان منذ وقت وفاة أفلاطن وإلى ظهور أسقليبيوس الثاني ألف وأربعمائة وعشرون سنة وكان في هذه الفترة التي بين أفلاطن وأسقليبيوس الثاني من الأطباء المذكورين ميلن الأقراغنطي وثامسيطوس الطبيب وأقذتينوس وفرديقلوس وأندروماخس القديم وهو أول من صنع الترياق وعاش أربعين سنة وأيراقليدس الأول وعاش ستين سنة وفلاغورس وعاش خمسا وثلاثين سنة وماخميس ونسطس وسيقورس وغالوس وماباطياس وأيرقلس الطبيب وعاش مائة سنة وماناطيس وفيثاغورس الطبيب وعاش سبعين سنة ومارينوس وعاش مائة سنة ولما ظهر أسقليبيوس الثاني نظر في الآراء القديمة فوجد أن الذي يجب أن يعتقد هو رأي أفلاطن فانتحله ثم توفي وخلف ثلاثة تلاميذ من أهل بيته لا غريب فيهم ولا طبيب سواهم وهم أبقراط ابن أيراقليدس وماغارينس وأرخس ولم تمض عدة أشهر حتى توفي ماغارينس ولحقه أرخس وبقي أبقراط وحيد دهره طبيبا كامل الفضائل تضرب به الأمثال الطبيب الفيلسوف إلى أن بلغ به الأمر إلى أن عبد وهو الذي قوى صناعة القياس والتجربة تقوية عظيمة عجيبة لا يتهيأ لطاعن أن يخلها ولا يهتكها وعلم الغرباء الطب وجعلهم شبيها بأولاده لما خاف على الطب أن يفنى ويبيد من العالم كما يتبين أمره في هذا الباب الذي يأتي
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»