عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٦٤
وأسلمه إلى أناكسيماندروس الحكيم ليعلمه الهندسة والمساحة والنجوم فلما أحكم فيثاغورس هاتين الصناعتين اشتد حبه للعلوم والحكمة فسافر إلى بلدان شتى طالبا لذلك فورد على الكلدانيين والمصريين وغيرهم ورابط الكهنة وتعلم منهم الحكمة وحذق لغة المصريين بثلاثة أصناف من الخط خط العامة وخط الخاصة وهو خط الكهنة المختصر وخط الملوك وعندما كان في أراقليا كان مرابطا لملكها ولما صار إلى بابل رابط رؤساء خلذايون ودرس على زارباطا فبصره بما يجب على الصديقين وأسمعه سماع الكيان وعلمه أوائل الكل أيما هي فمن ذلك فضلت حكمة فيثاغورس وبه وجد السبيل إلى هداية الأمم وردهم عن الخطايا لكثرة ما اقتنى من العلوم من كل أمة ومكان وورد على قاراقوديس الحكيم السرياني في بداية أمره في مدينة اسمها ديلون من سورية وخرج عنها قاراقوديس فسكن ساموس وكان قد عرض له مرض شديد حتى أن القمل كان ينتعش في جسمه فلما عظم به وساء مثواه حمله تلاميذه إلى أفسس ولما تزايد ذلك عليه رغب إلى أهل أفسس وأقسم عليهم أن يحولوه عن مدينتهم فأخرجوه إلى ماغانسيا وعنى تلاميذه بخدمته حتى مات فدفنوه وكتبوا قصته على قبره ورجع فيثاغورس إلى مدينة ساموس ودرس بعده على أرمودامانيطس الحكيم البهي المتأله المكنى بقراوفوليو بمدينة ساموس ولقي أيضا بها أرمودامانيس الحكيم المكنى أفروقوليم فرابطه زمانا وكانت طرانة ساموس قد صارت لفولوقراطيس الأطرون واشتاق فيثاغورس إلى الاجتماع بالكهنة الذين بمصر فابتهل إلى فولوقراطيس أن يكون له على ذلك معينا فكتب له إلى أماسيس ملك مصر كتابا يخبره بما تاق إليه فيثاغورس ويعلمه أنه صديق لأصدقائه ويسأله أن يجود عليه بالذي طلب وأن يتحنن عليه فأحسن أماسيس قبوله وكتب له إلى رؤساء الكهنة بما أراد فورد على أهل مدينة الشمس وهي المعروفة بزماننا بعين شمس بكتب ملكهم فقبلوه قبولا كريها وأخذوا في امتحانه زمانا فلم يجدوا عليه نقصا ولا تقصيرا فوجهوا به إلى كهنة منف كي يبالغوا في امتحانه فقبلوه قبولا على كراهية واستقصوا امتحانه فلم يجدوا عليه معيبا ولا أصابوا له عثرة فبعثوا به إلى أهل دبوسبولس ليمتحنوه فلم يجدوا عليه طريقا ولا إلى إدحاضه سبيلا لعناية ملكهم به فعرضوا عليه فرائض صعبة مخالفة لفرائض اليونانيين كيما يمتنع من قبولها فيدحضوه ويحرموه طلبه فقبل ذلك وقام به فاشتد إعجابهم منه وفشا بمصر ورعه حتى بلغ ذكره إلى أماسيس فأعطاه سلطانا على الضحايا للرب تعالى وعلى سائر قرابينهم ولم يعط ذلك لغريب قط
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»