الباب الأول كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها أقول أن الكلام في تحقيق هذا المعنى يعسر لوجوه أحدها بعد العهد به فإن كل ما بعد عهده وخصوصا ما كان من هذا القبيل فإن النظر فيه عسر جدا الثاني أننا لم نجد للقدماء والمتميزين وذوي الآراء الصادقة قولا واحدا سادا في هذا متفقا عليه فنتبعه الثالث أن المتكلمين في هذا لما كانوا فرقا وكانوا كثيري الاختلاف جدا بحسب ما وقع إلى كل واحد منهم أشكل التوجيه في أي أقوالهم هو الحق وقد ذكر جالينوس في تفسيره لكتاب الإيمان لا بقراط أن البحث فيما بين القدماء عن أول من وجد صناعة الطب لم يكن بحثا يسيرا ولنبدأ أولا بإثبات ما ذكره مع ما ألحقناه به في جهة الحصر لهذه الآراء المختلفة وذلك أن القول في وجود صناعة الطب ينقسم إلى قسمين أولين فقوم يقولون بقدمه وقوم يقولون بحدوثه فالذين يعتقدون حدوث الأجسام يقولون أن صناعة الطب محدثة لأن الأجسام التي يستعمل فيها الطب محدثة
(١١)