عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٣٢
نبوته وتذكر الفرس أن جده كيومرث وهو آدم ويذكر العبرانيون أنه أخنوخ وهو بالعربية إدريس قال أبو معشر هو أول من تكلم في الأشياء العلوية من الحركات النجومية وأن جده كيومرث وهو آدم علمه ساعات الليل والنهار وهو أول من بنى الهياكل ومجد الله فيها وأول من نظر في الطب وتكلم فيه وأنه ألف لأهل زمانه كتبا كثيرة بأشعار موزونة وقواف معلومة بلغة أهل زمانه في معرفة الأشياء الأرضية والعلوية وهو أول من أنذر بالطوفان ورأى أن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء والنار وكان مسكنه صعيد مصر تخير ذلك فبنى هناك الأهرام ومدائن التراب وخاف ذهاب العلم بالطوفان فبنى البرابي وهو الجبل المعروف بالبرابر بأخميم وصور فيها جميع الصناعات وصناعها نقشا وصور جميع آلات الصناع وأشار إلى صفات العلوم لمن بعده برسوم حرصا منه على تخليد العلوم لمن بعده وخيفة أن يذهب رسم ذلك من العالم وثبت في الأثر المروي عن السلف أن إدريس أول من درس الكتب ونظر في العلوم وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة وهو أول من خاط الثياب ولبسها ورفعه الله مكانا عليا وأما هرمس الثاني فإنه من أهل بابل سكن مدينة الكلدانيين وهي بابل وكان بعد الطوفان في زمن نزيربال الذي هو أول من بنى مدينة بابل بعد نمرود بن كوش وكان بارعا في علم الطب والفلسفة وعارفا بطبائع الأعداد وكان تلميذه فيثاغورس الأرتماطيقي وهرمس هذا جدد من علم الطب والفلسفة وعلم العدد ما كان قد درس بالطوفان ببابل ومدينة الكلدانيين هذه مدينة الفلاسفة من أهل المشرق وفلاسفتهم أول من حدد الحدود ورتب القوانين وأما هرمس الثالث فإنه سكن مدينة مصر وكان بعد الطوفان وهو صاحب كتاب الحيوانات ذوات السموم وكان طبيبا فيلسوفا وعالما بطبائع الأدوية القتالة والحيوانات المؤذية وكان جوالا في البلاد طوافا بها عالما بنصبة المدائن وطبائعها وطبائع أهلها وله كلام حسن في صناعة الكيمياء نفيس يتعلق منه إلى صناعات كثيرة كالزجاج والخرز والغضار وما أشبه ذلك وكان له
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»