يبلغ به كل علة ومعلول أنك لا تصل إلي بهذه الطريق لكن بمن جعلته بيني وبين خلقي ونصبته للدلالة على إرادتي فأصرف أكثر عنايتك إلى الاستدلال عليه فإذا أصبته فاردد إليه ما فضل عن معرفتك فقد حملته من جودي ما فرقت به بينه وبين غيره وجعلته سمة له يستعرضها إفهام المخلصين للحق ثم تماسك وقوي طرفه فرجع من حوله إلى ما كانوا عليه وخرجت من عنده فلما كان العشية عدت إليه فسمعته يخاطب أصحابه والسبعة نفر بشيء من كلام الزهاد ينهاهم فيه عن طاعة الجسد فلما انقضى كلامه قلت له قد سمعت ما سلف لك في صدر هذا اليوم وأنا أسألك زيادتي منه فقال كلما سمعته فإنما هو شيء صور في نفسي وأنطق به لساني وليس لي فيه إلا التبليغ وإن كان منه شيء ستقف عليه فأقمت عنده ثلاثة أيام أدبر السبعة نفر على الرجوع إلى أوطانهم فيأبون ذلك علي فلما كان اليوم الرابع دخلت عليه فما تمكنت من مجلسه حتى تغشاه ما كان غشيه في اليوم الذي دخلنا عليه ثم قال يا رسول الخاطئ المستبطئ نفسه في الرجوع له ارجع إلى بلدك فإنك لا تلحق صاحبك وإني أنسخه بمن يعدل ميل الجزء الذي في يده فخرجت من عنده فلحقت بلدي وقد قضى نحبه وتولى الأمر كهل من أهل بيت مارينوس فرد المظالم وخلص الأرواح مما غشيها من لبوسات الترفه والبطالة أقول ولما كان يوم بدر والتقى فيه المسلمون ومشركو قريش كان المقدم على المشركين أبو سفيان وعدتهم ما بين التسعمائة والألف والمسلمون يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر وأيد الله الإسلام ونصر نبيه صلى الله عليه وسلم ووقعت الكسرة على المشركين وقتلت في جملتهم صناديد قريش وأسر جماعة من المشركين فبعضهم استفكوا أنفسهم وبعضهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وكان من جملة المأسورين عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث بن كلدة فقتلهما عليه السلام بعد منصرفه من بدر حدثني شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد الكاتب البغدادي ابن الكريم قال حدثنا أبو غالب محمد بن المبارك بن محمد بن الميمون عن أبي الحسن علي بن أحمد بن الحسين بن محمويه الشافعي اليزدي عن أبي سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن أبي القاسم الصيرفي البغدادي عن أبي غالب محمد بن أحمد ابن سهل بن بشران النحوي الواسطي عن أبي الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار الكاتب عن أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الكاتب الأصبهاني قال حدثنا محمد بن جرير الطبري قال حدثنا ابن حميد قال حدثنا مسلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط صبرا أما عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري فضرب عنقه ثم أقبل من بدر حتى إذا كنا بالصفراء قتل النضر بن الحرث بن كلدة الثقفي أحد بني عبد الدار فقد أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يضرب عنقه فقالت فتيلة بنت الحرث ترثيه
(١٦٩)