عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٥٨
كتاب الفرق فإنه وجب تقديمه لتتنقى به نفس المتعلم من شكوك أصحاب التجربة والمحتالين ومغالطاتهم ويتحقق رأي أصحاب القياس فيقتدي بهم وبمنزلة الصناعة الصغيرة فإنها لما كانت فيها شرارة من صناعة الطب كان الأولى أن يتبع بها كتاب الفرق ويجعل مدخلا إلى الطب ورتبوا بعضها بحسب ما توجبه إضافته إلى غيره بمنزلة الكتاب الصغير في النبض فإنه جعل تابعا للصناعة الصغيرة لأن جالينوس ذكر فيها النبض عند ذكره لمزاج القلب ووجب أيضا تقديمه على كتاب جالينوس إلى أغلوقن لأنه تكلم في هذا الكتاب في الحميات والنبض وهو أول شيء يعرف منه أمر الحميات على أن الترتيب الذي ذكره الأستاذ أبو الخير أن جالينوس أشار إليه هو لعمري الترتيب الصناعي وذلك أنه يجب على كل ذي صناعة أن يتدرج في تعليمها من الأظهر إلى الأخفى ومن الأخير إلى المبدأ والتشريح هو علم البدن وأعضائه وهذه هي أول ما يظهر لنا من الإنسان وإن آخر ما تفعله الطبيعة فإن الطبيعة تأخذ أولا الأسطقسات ثم تمزجها فيحصل منها الأخلاط ثم تفعل القوى والأعضاء فيجب أن يكون طريقنا في التعليم بالعكس من طريق الطبيعة في التكوين ولكنا ندع هذا الاضطرار ونرضى ترتيب الإسكندرانيين لأن العلم حاصل على كل حال وخرق إجماع الحكماء معدود من الخرق أقول وللإسكندرانيين أيضا جوامع كثيرة في العلوم الحكمية والطب ولا سيما لكتب جالينوس وشروحاتها لكتب أبقراط فأما الأطباء المذكورون من النصارى وغيرهم ممن كان معاصرا هؤلاء الأطباء الإسكندرانيين وقريبا من أزمنتهم فمنهم شمعون الراهب المعروف بطيبويه وأهرن القس صاحب الكناش وألف كناشه بالسريانية ونقله ما سرجيس إلى العربي وهو ثلاثون مقالة وزاد ماسرجيس مقالتين ويوحنا بن سرابيون وجميع ما ألف سرياني وكان والده سرابيون طبيبا من أهل باجرمي وخرج ولداه طبيبين فاضلين وهما يوحنا وداوود وليوحنا بن سرابيون من الكتب كناشه الكبير اثنتا عشرة مقالة كناشه الصغير وهو المشهور سبع مقالات ونقله الحديثي الكاتب لأبي الحسن بن نفيس المتطبب في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وهو أحسن عبارة من نقل الحسن بن البهلول الأواني الطبرهاني ونقله أيضا أبو البشر متى
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 161 162 163 164 ... » »»