عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٥٥
من الكتب التي سماها جالينوس في آخر الصناعة الصغيرة أو يتعلم ما يحتاج إليه من ذلك تلقينا ومشاهدة فصارت هذه الأربعة كتب التي في المرتبة الأولى مقنعة للمتعلم في تعليم صناعة الطب فأما الكامل فإنه يتذكر بها جميع ما فهمه من الصناعة فأما المرتبة الثانية فإنها أيضا أربعة كتب الأول منها كتاب الأسطقسات وهو مقالة واحدة يستفاد منه أن بدن الإنسان وجميع ما يحتاج إليه سريع التغير قابل للاستحالة فمن ذلك أسطقسات البدن القريبة منه وهي الأعضاء المتشابهة الأجزاء أعني العظام والأعصاب والشرايين والعروق والأغشية واللحم والشحم وغير ذلك وأسطقسات هذه الأعضاء الأخلاط أعني الدم والصفراء والسوداء والبلغم واستقسات هذه الأخلاط النار والهواء والماء والأرض فإن مبدأ التكون من هذه الأربعة وأخذ الانحلال إليها وإن هذه الأسطقسات قابلة للتغيير والاستحالة وهذا الكتاب هو أول كتاب يصلح أن يبدأ به من أراد استكمال تعليم صناعة الطب والثاني كتاب المزاج وهو ثلاث مقالات يستفاد منه معرفة أصناف المزاج وبما يتقوم كل واحد منها وبماذا يستدل عليه إذا حدث والثالث كتاب القوى الطبيعية وهو أيضا ثلاث مقالات يستفاد منه معرفة القوى التي تدبر بها طبيعة البدن وأسبابها والعلامات التي يستدل بها عليها والرابع كتاب التشريح الصغير وهو خمس مقالات وضعها جالينوس متفرقة وإنما الإسكندرانيون جمعوها وجعلوها كتابا واحدا يستفاد منه معرفة أعضاء البدن المتشابهة وعددها وجميع ما يحتاج إليه فيها وهذه الكتب التي في هذه المرتبة الثانية يستفاد من جميعها الأمور الطبيعية للبدن أعني التي قوامه بها وإذا نظر فيها محب التعليم اشتاق أيضا إلى النظر في كل ما يتعلق بطبيعة البدن أما كتاب المزاج فيشوق إلى مقالته في خصب البدن ومقالته في الهيئة الفاضلة ومقالته في سوء المزاج المختلف وكتابه في الأدوية المفردة ونحو هذا وأما كتاب القوى الطبيعية فيشوق إلى كتابه في المنى وكتابه في منافع الأعضاء وسائر ما وضعه جالينوس في القوى والأرواح والأفعال وأما كتاب التشريح الصغير فيشوق إلى كتابه في عمل التشريح ونحوه وأما المرتبة الثالثة فكتاب واحد فقط فيه ست مقالات وهو كتاب العلل والأعراض وجالينوس وضع مقالات هذا الكتاب متفرقة وإنما الإسكندرانيون جمعوها وجعلوها في كتاب واحد يستفاد منه معرفة الأمراض وأسبابها والأعراض الحادثة عن الأمراض وهذا باب عظيم الغناء في صناعة الطب على رأي أصحاب القياس وهو أصل عظيم إذا وقف الإنسان على ما في هذا الكتاب وفهمه لم يخف عليه شيء من صناعة الطب
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 161 ... » »»