عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٥٢
مذهب النصارى اليعقوبية ثم رجع عما يعتقده النصارى من التثليث واجتمعت الأساقفة وناظرته فغلبهم واستعطفته وآنسته وسألته الرجوع عما هو عليه وترك إظهاره فأقام على ما كان عليه وأبى أن يرجع فأسقطوه ولما فتحت مصر على يدي عمرو بن العاص رضي الله عنه دخل إليه وأكرمه ورأى له موضعا ونقلت من تعاليق الشيخ أبي سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني قال كان يحيى النحوي في أيام عمرو بن العاص ودخل إليه وقال إن يحيى النحوي كان نصرانيا بالإسكندرية وأنه قرأ على أميونيس وقرأ أميونيس على برقلس قال ويحيى النحوي يقول أنه أدرك برقلس وكان شيخا كبيرا لا ينتفع به من الكبر وقال عبيد الله بن جبرائيل في كتاب مناقب الأطباء بأن يحيى النحوي كان قويا في علم النحو والمنطق والفلسفة وقد فسر كتبا كثيرة من الطبيات ولقوته في الفلسفة ألحق بالفلسفة لأنه أحد الفلاسفة المذكورين في وقته قال وسبب قوته في الفلسفة أنه كان في أول أمره ملاحا يعبر الناس في سفينته وكان يحب العلم كثيرا فإذا عبر معه قوم من دار العلم والمدرس الذي كان يدرس العلم بجزيرة الإسكندرية يتحاورون ما مضى لهم من النظر ويتفاوضونه ويسمعه فتهش نفسه للعلم فلما قويت رويته في العلم فكر في أمره وقال قد بلغت نيفا وأربعين سنة من العمر وما أرتضيت بشيء وما عرفت غير صناعة الملاحة فيكف يمكنني أن أتعرض إلى شيء من العلوم فبينما هو مفكر إذ رأى نملة قد حملت نواة تمرة وهي تريد أن تصعد بها إلى علو وكلما صعدت بها سقطت فلم تزل تجاهد نفسها في طلوعها وهي في كل مرة يزيد ارتفاعها عن الأولى فلم تزل نهارها وهو ينظر إليها إلى أن بلغت غرضها وأطلعتها إلى غايتها فلما رآها يحيى النحوي قال لنفسه إذا كان هذا الحيوان الضعيف قد بلغ غرضه بالمجاهدة فأنا أولى أن أبلغ غرضي بالمجاهدة فخرج من وقته وباع سفينته ولازم دار العلم وبدأ بعلم النحو واللغة والمنطق فبرع في هذه الأمور وبرز ولأنه أول ما ابتدأ بالنحو فنسب إليه واشتهر به ووضع كتبا كثيرة منها تفاسير وغيرها ووجدت في بعض تواريخ النصارى أن يحيى النحوي كان في المجمع الرابع الذي اجتمع في مدينة يقال لها خلكدونية وكان في هذا المجمع ستمائة وثلاثون أسقفا على أوتوشيوس وهو يحيى النحوي
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»