عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٢٩
واني أعطي المرضى كل ما يحتاجون اليه لا من الأدوية فقط أو من الأشربة أو من الادهان أو غير ذلك مما أشبهه لكني أقيم عليهم من يخدمهم أيضا إذا لم يكن لهم خدم واهيىء لهم مع ذلك أيضا ما يغتذون به قال واني وصلت كثيرا من الأطباء باصدقاء كانوا لي توجهو في عساكر وأطباء أخر أيضا كثير عددهم ضمتهم إلى قوم من أهل القدر لم آخذ من أحد منهم على ذلك رشوة أو هدية بل كنت أهب لقوم منهم بعض الآلآت والأدوية التي يحتاجون إليها وبعض لم أكن اقتصر به على ذلك فقط لكني كنت أزوده ما يحتاج اليه من النفقة في طريقه صفة جالينوس واخلاقه وقال المبشر بن فاتك ان جالينوس كان أسمر اللون حسن التخاطيط عريض الأكتاف واسع الراحتين طويل الأصابع حسن الشعر محبا للأغاني والالحان وقراءة الكتب معتدل المشية ضاحك السن كثير الهذر قليل الصمت كثير الوقوع في أصحابه كثير الاسفار طيب الرائحة نقي الثياب وكان يحب الركوب والتنزه مداخلا للملوك والرؤساء من غير أن يتقيد في خدمة أحد من الملوك بل إنهم كانوا يكرمونه وإذا احتاجوا اليه في مداواة شيء من الأمراض الصعبة دفعوا له العطايا الكثيرة من الذهب وغيره في برئها وذكر ذلك في كثير من كتبه وانه كان إذا تطلبه أحد من الملوك ان يستمر في خدمته سافر من تلك المدينة إلى غيرها لئلا يشتغل بخدمة الملك عما هو بسبيله وذكروا ان الأصل كان في اسم جالينوس غالينوس ومعناه الساكن أو الهادي وقيل أن ترجمة اسم جالينوس معناه بالعربي الفاضل وقال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي في كتاب الحاوي انه ينطلق في اللغة اليونانية ان ينطق بالجيم غينا وكافا فيقال مثلا جالينوس وغالينوس وكالينوس وكل ذلك جائز وقد تجعل الألف واللام لاما مشددة فيكون ذلك أصح في اليوناينة أقول وهذه فائدة تتعلق بهذا المعنى وهي حدثني القاضي نجم الدين عمر بن محمد بن الكريدي قال حدثني ابناغاثون المطران بشوبك وكان اعلم أهل زمانه بمعرفة لغة الروم القديمة وهي اليونانية ان في لغة اليونان كل ما كان من الأسماء الموضوعة من أسماء الناس وغيرهم فآخرها سين مثل جالينوس وديسقوريدس وانكساغورس وارسطوطاليس وديوجانيس واريباسيوس وغير ذلك وكذلك مثل قولهم قاطيغورياس وباريمينياس ومثل اسطوخودس واناغالس فان السين التي في آخر كل كلمة حكمها في لغة اليونانيين مثل التنوين في لغة العرب الذي هو آخر الكلمة مثل قولك زيد وعمرو وخالد وبكر وكتاب وشجر فتكون النون التي تتبين في آخر التنوين مثل السين في لغة أولئك
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»