عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٣١
ذابلا نحيفا قد تلاشى أكثره فاستدل بذلك على أن القلب إذا توالت عليه الغموم وضاقت به الهموم ذبل ونحل فحذر حينئذ من عواقب الغم والهم وقال لتلاميذه من نصح الخدمة نصحت له المجازاة وقال لهم لا ينفع علم من لا يعقله ولا عقل من لا يستعمله وقال في كتاب أخلاق النفس كما أنه يعرض للبدن المرض والقبح فالمرض مثل الصرع والشوصة والقبح مثل الحدب وتسقط الرأس وقرعه كذلك يعرض للنفس مرض وقبح فمرضها كالغضب وقبحها كالجهل وقال العلل تجيء على الإنسان من أربعة أشياء من علة العلل ومن سوء السياسة في الغذاء ومن الخطايا ومن العدو إبليس وقال الموت من أربعة أشياء موت طبيعي وهو موت الهرم وموت مرض وشهوة مثل من يقتل نفسه أو يقاد منه وموت الفجأة وهو بغتة وقال وقد ذكر عنده القلم القلم طبيب المنطق ومن كلامه في العشق قال العشق استحسان ينضاف إليه طمع وقال العشق من فعل النفس وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد وفي الدماغ ثلاث قوى التخيل وهو في مقدم الرأس والفكر وهو في وسطه والذكر وهو في مؤخره وليس يكمل أحد اسم عاشق حتى يكون إذا فارق من يعشقه لم يخل من تخيله وفكره وذكره وقلبه وكبده فيمتنع من الطعام والشراب باشتغال الكبد ومن النوم باشتغال الدماغ بالتخييل والذكر له والفكر فيه فيكون جميع مساكن النفس قد اشتغلت به فمتى لم تشتغل به وقت الفراق لم يكن عاشقا فإذا لقيه خلت هذه المساكن قال حنين بن إسحاق وكان منقوشا على فص خاتم جالينوس من كتم داءه أعياه شفاؤه ومن كلام جالينوس مما ذكره أبو الوفاء المبشر بن فاتك في كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم قال جالينوس لن تنل واحلم تنبل ولا تكن معجبا فتمتهن وقال العليل الذي يشتهي أرجى من الصحيح الذي لا يشتهي وقال لا يمنعك من فعل الخير ميل النفس إلى الشر وقال رأيت كثيرا من الملوك يزيدون في ثمن الغلام المتأدب بالعلوم والصناعات وفي ثمن الدواب الفاضلة في أجناسها ويغفلون أمر أنفسهم في التأدب حتى لو عرض على أحدهم غلام مثله ما اشتراه ولا قبله فكان من أقبح الأشياء عندي أن يكون المملوك يساوي الجملة من المال والمالك لا يجد من يقبله مجانا
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»