في مذهب الشافعي وفي غيره من العلوم تصانيف كثيرة، فمن نظر فيها علم محله من العلم. فمن تصنيفه " منهاج السنة " و " الانتصار والرد على القدرية " وغيرها. وصنف في الأصول " القواطع " وفي الخلاف " البرهان " يشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية و " الأوسط والاصطلام " رد فيه على أبي زيد الدبوسي وأجاب عن الأسرار التي جمعها. وله تفسير القرآن العزيز، وهو كتاب نفيس. وجمع في الحديث ألف حديث عن مائة شيخ وتكلم عليها فأحسن. وله وعظ مشهور بالجودة. ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة في ذي الحجة، ومات في ربيع الآل سنة تسع وثمانين وأربعمائة بمرو. وأما باقي أجداده وأعمامه وأولاد أعمامه فيطول الكتاب بذكرهم واستقصاء أخبارهم.
وأما تاج الإسلام أبو سعد فإنه كان واسطة عقد البيت السمعاني وعينهم الباصرة ويدهم الناصرة، إليه انتهت رئاستهم وبه كملت سيادتهم، رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها، وسافر إلى ما وراء النهر وسائر بلاد خراسان عدة دفعات، وإلى قومس والري وأصفهان وهمذان وبلاد الجبال والعراق والحجاز والموصل والجزيرة والشام وغيرها من البلاد التي يطول ذكرها ويتعذر حصرها. ولقي العلماء وأخذ منهم وجالسهم وروى عنهم واقتدى بأفعالهم الجميلة وآثارهم الحميدة.
وكان عدة شيوخه يزيد على أربعة آلاف شيخ، روى عن كل منهم إما قليلا وإما كثيرا، وصنف التصانيف الحسنة الغزيرة الفائدة، فمن ذلك " تذييل تاريخ بغداد " الذي صنفه الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب رضي الله عنه، أتى فيه بكل فضيلة وأبان عن كل نكتة جليلة وهو نحو خمسة عشر مجلدا. ومن ذلك " تاريخ مرو " يزيد على عشرين مجلدا. وكذلك " الأنساب " له نحو ثمان مجلدات إلى غير ذلك من الأمالي والمختصرات التي لا تلحق هذه المطولات.