أما في الصناعة اليدوية فكان آية. ففي حسن الخط مثلا كان معدودا بين أكابر الخطاطين. وكان في ساعات الفراغ يصور بقلم الفحم كابرع المصورين وعالج الألوان الزيتية فما قصر. ولعل الكثيرين يجهلون ان حروف البيان والضياء نقش يده وقبلها حروف المطبعة الأدبية وأكثر مطابع القطرين المصري والسوري. وكان اتقانه النقش من عبثه وليدا إذ كان يتردد على أخيه الشيخ نصار وكان هذا صائغا فراقه من شغل الجوهريين النقش والترصيع فأتقنهما وجلى على أرباب الصناعة فيهما ووافق ذلك تردده على مطبعة الأميركان أيام كان والده يصحح مطبوعاتها فأعجبه سك الحروف وحداه إلى معالجة الأمهات ولم يلبث ان فضلت سكته ما سواها فكان أصحاب المسابك يشترون الام بعشرة فرنكات ذهب. فربما ضرب بالأب الفولاذ عشر أمهات وربما تحطم من أول سكة.
وفي سنة 1872 تولي الكتابة في جريدة النجاح فدعاه الجزويت إلى موازرتهم في تعريب الاسفار المقدسة فاشتغل فيها تسع سنين الا أنه في تعريب المزامير والإنجيل كان مقيدا بترجمة عبد الله زاخر لشهرة نصوصها في المعابد. وكان في خلال ذلك يصحح لهم غيرها من مطبوعاتهم كنخب الملح والمعجم العربي الفرنسوي المعروف بالفرائد الدرية وسواهما ولا أدل على خلقه وطيب عنصره من بره بأبيه فكان حرصه على آثاره وتقديسه لتذكاره قيد خاطره سحابة عمره. ففي سنة 1882 استوفي شرحه على ديوان أبي الطيب وقد قضى عليه سنتين وعنون الشرح جملة باسم والده واعتذر من ذلك بقوله في الختام: وانما أبقيت عنوان الشرح باسمه رحمه الله رعاية لكونه هو الواضع الأصيل فلم أوثر ان أتطفل عليه في نسبة الكتاب وان تطفلت عليه في التأليف واني لأرجو الله ان يكون قد وهبني السلامة في ذلك كله وأنزلني من هذا الشرح منزلة توجب استدرار الرحمة على واضعه ولا تكون مدرجة لنقض بري به بان اجر عليه تبعه تلزمني دونه أو ينسب إلى فضل هو أحق