هذه الأمور من أحوال علم الخط فلاوجه لافرازه ولو كان مثل ذلك علما لكان الامر عسيرا وذكر ان ابن البواب نظم فيه قصيدة رائية بليغة استقصى فيها أدوات الكتابة ولياقوت رسالة فيه أيضا. ومنها علم قوانين الكتابة إلى كيفية نقش صور الحروف البسائط وما ذلك الأعلم الخط.
ومنها علم تحسين الحروف وهو أيضا من قبيل تكثير السواد قال ومبنى هذا الفن الاستحسانات؟؟ الناشئة من مقتضى الطباع السليمة بحسب الألف والعادة والمزاج بل بحسب كل شخص شخص وغير ذلك مما يؤثر في استحسان الصور واستقباحها ولهذا يتنوع هذا العلم بحسب قوم وقوم ولهذا لا يكاد يوجد خطان متماثلان من كل الوجوه.
أقول ما ذكره في الاستحسان مسلم لكن تنوعه ليس بمتفرع عليه وعدم وجدان الخطين المتماثلين لا يترتب على الاستحسان بل وهو أمر عادى قريب إلى الجبلي كسائر أخلاق الكاتب وشمايله وفيه سر الهى لا يطلع عليه الا الافراد. ومنها علم كيفية تولد الخطوط عن أصولها بالاختصار والزيادة والتغيير وهو أيضا من هذا القبيل. ومنها علم ترتيب حروف التهجي بهذا الترتيب المعهود وإزالة التباسها بالنقط. ولابن جنى والجنزي رسالة في هذا الباب.
اما ترتيب الحروف فهو من أحوال علم الحروف واعجامها من أحوال علم الخط.
ذكر النقط والاعجام في الاسلام - اعلم أن الصدر الأول اخذ القرآن والحديث من أفواه الرجال بالتلقين ثم لما كثر أهل الاسلام اضطروا إلى وضع النقط والاعجام فقيل إن أول من وضع النقط مرار [مرامر] والاعجام عامر وقيل الحجاج وقيل أبو الأسود الدؤلي بتلقين على رضى الله تعالى عنه الا ان الظاهر أنهما موضوعان مع الحروف إذ يبعد ان الحروف مع تشابه صورها كانت عرية عن النقط إلى حين نقط الصحف وقد روى أن الصحابة جردوا المصحف من كل شئ حتى النقط ولو لم يوجد في زمانهم لما يصح [لما صح] التجريد منه. وذكر ابن خلكان في ترجمة الحجاج انه حكى أبو أحمد العسكري في كتاب التصحيف ان الناس مكثوا يقرؤن في مصحف عثمان رضى الله تعالى عنه نيفا وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق ففزع الحجاج إلى كتابه وسألهم ان يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات فيقال ان نصر بن عاصم وقيل يحيى بن يعمر قام بذلك فوضع النقط وكان مع ذلك أيضا يقع التصحيف فأحدثوا الاعجام انتهى. واعلم أن النقط والاعجام في زماننا واجبان في