في آخرين. ثم انتصبت طبقة بعدهم إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل أبي إسحاق الزجاج وأبى على الفارسي واما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ومثل مكي بن أبي طالب وأبى العباس المهدوي. ثم الف في التفسير طائفة من المتأخرين فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال بتراء فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل. ثم صار كل من سنح له قول يورده ومن خطر بباله شئ يعتمده ثم ينقل ذلك خلف عن سلف ظانا ان له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن هم القدوة في هذا الباب. قال السيوطي رأيت في تفسير قوله سبحانه وتعالى غير المغضوب عليهم ولا الضالين نحو عشرة أقوال مع أن الوارد عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وجميع الصحابة والتابعين ليس غير اليهود والنصارى حتى قال ابن أبي حاتم لا أعلم في ذلك اختلافا من المفسرين. ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في شئ من العلوم و (منهم من) ملا كتابه بما غلب على طبعه من الفن واقتصر فيه على ما تمهر هو فيه كان القرآن انزل لأجل هذا العلم لاغير مع أن فيه تنبيان كل شئ. فالنحوي تراه ليس له هم الا الاعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه وإن كانت بعيدة وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته كالزجاج والواحدي في البسيط وأبى حيان في البحر والنهر.
والاخباري ليس له شغل الا القصص واستيفاؤها والاخبار عمن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة ومنهم الثعلبي. والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق لها بالآية أصلا والجواب عن أدلة المخالفين كالقرطبي. وصاحب العلوم العقلية خصوصا الامام فخر الدين (الرازي) قد ملا تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وخرج من شئ إلى شئ حتى يقضى الناظر العجب. قال أبو حيان في البحر جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء فيه كل شئ الا التفسير - والمبتدع ليس له قصد الا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث انه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه كما نقل عن البلقيني أنه قال استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش منها أنه قال في قوله سبحانه وتعالى فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز أي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية. والملحد فلا تسأل عن كفره والحاده في