بل اما أن يكون مجردا عن الهوى وهو عزيز. واما أن يكون عنده من العدل ما يقهر به هواه، ويسلك طريق الانصاف.
وأصعب هذه الشروط الاطلاع على حال الشخص في العلم، فإنه يحتاج إلى المشاركة في علمه والقرب منه حتى يعرف مرتبته (1).
علم الجرح والتعديل نقدم لهذا البحث بعبارة ابن دقيق العيد (اعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف عليها المحدثون والحكام) (2). نقول: وعلى الرغم من ذلك فلا بد صيانة لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الخوض في هذا الميدان فنقول:
- هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة، وعند مراتب تلك الألفاظ.
رتبته: هذا العلم من فروع علم رجال الحديث، والكلام في الرجال جرحا وتعديلا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، جوز ذلك تورعا وصونا للشريعة لا طعنا في الناس، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة، والتثبت في أمر الدين أولى من التثبت في الحقوق والأموال (3).
وقال ابن عبد البر: هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها من ذلك، والصحيح في هذا أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته، وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات. والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر.
- واما من لم تثبت إمامته، ولا عرفت عدالته، ولا صحت لعدم الحفظ والاتقان