برقوق بعقد مجالس إملائه في المدرسة الشيخونية عام (808 ه) وإنما كان يناط بوظيفة التدريس إلى أبرز رجالات العصر، عكف ابن حجر على الاملاء، وعكف تلاميذه على الاخذ عنه فإذا مجالس إملائه (بالشيخونية) تؤلف فيما بعد كتابه (الامتاع بالأربعين المتباينة بشرط الاسماع) ثم قام في العام التالي بتدريس الحديث ولكن في المدرسة المحمودية التي كانت من أحسن مدارس عصرها في مصر والشام إلى جانب ما زخرت به من آلاف المجلدات في شتى المعرفة السائدة يومذاك (1).
هذا، وكان ابن حجر محاضرا من الطراز الأول، فعند كلامه على الأحاديث نقدا لأسانيدها بطرقها المتعددة، ومتونها وتحليلها، يتعرض دون أدنى ريب إلى ذكر فوائد في التاريخ والأنساب والعقائد وعلم الرجال وما إلى ذلك.
تقاليد مجالس إملاء ابن حجر:
دأب الحافظ ابن حجر على أن يستفتح مجلسه بقراءة سورة (الأعلى) ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء له وللحاضرين.
وهذا جريا على نهج شيخه العراقي ولما فيها من المناسبة حيث قال تعالى (سنقرئك فلا تنسى) كما أن فيها من الذكرى (فذكر إن نفعت الذكرى) وفيها قوله تعالى (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) (2).
أما القضاء: تولى القضاء استقلالا في السابع والعشرين من المحرم سنة 827 ه بتفويض من الملك الأشرف برسباي بالقاهرة وما معها وسرعان ما ندم على قبوله هذا المنصب.
ولذلك لم يلبث طويلا حيث صرف نفسه في ذي القعدة من السنة نفسها (3) ولم يلبث يصرف ثم يعاد إلى وظيفته القضاء وإلى أن عزل نفسه في جمادي الآخرة من السنة التي توفي فيها 852 ه.