الطبقة الثالثة: اتباع التابعين وهو الخلف الأخيار، واعلام الأمصار في دين الله عز وجل ونقل سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وحفظه واتقانه، وهم العلماء بالحلال والحرام.
هذا وقد جرت سنة المصنفين في هذا الفن أن يصنفوا الرواة إلى مراتب خمسة من حيث قبول أو الرد لمروياتهم. هي:
الطبقة الأولى: فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث - فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال.
الطبقة الثانية: ومنهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه، فذلك العدل الذي يحتج بحديثه ويوثق في نفسه.
الطبقة الثالثة: ومنهم الصدوق، الثبت الذي يهم أحيانا - وقد قبله الجهابذة النقاد، وهذا يحتج بحديثه.
الطبقة الرابعة: ومنهم الصدوق، الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو. فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب. ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام.
الطبقة الخامسة: والخامس بعد هؤلاء - هو من قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة منهم الكذب.
فهذا يترك حديثه ويطرح روايته (1).
أئمة النقد للرواة: هذا وقد عرف جماعة من علماء السلف بأنهم أئمة الجرح والتعديل وهم طبقات أيضا. ومن أولئك العلماء الجهابذة، وهم قدوة في الدين ونقاد لناقلة الآثار.
فمن الطبقة الأولى: بالحجاز، الامامان مالك بن أنس وسفيان بن عيينة.
وبالعراق الأئمة: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد،