وولي بعد أبيه تدريس قبة الشافعي، ومشهد الحسين، ومشيخة السعيدية، وكان ذا وقار وجلالة وفضل وحشمة، حضر موت الكامل، ونهض بتمليك دمشق للجواد، فأعطاه جوهرا كثيرا وذهبا، وسار إلى مصر، فلامه العادل أبو بكر، فقال: أنا أرجع إلى دمشق وأبعث بالجواد إليك، وإن امتنع أقمت نائبا لك بدمشق، فقدم فتلقاه الجواد وخضع، فنزل بالقلعة وحكم، وقال: أنا نائب صاحب مصر، وقال للجواد: سر إلى مصر، فتألم، وأضمر له الشر، وكان العماد قدم مريضا في محفة، فقال الجواد: اجعلوني نائبا لكم، وإلا سلمت دمشق إلى نجم الدين أيوب وآخذ منه سنجار، قال: إن فعلتها تصلح بين الأخوين وتبقى أنت بلا شئ.
قال سعد الدين ابن حمويه: خرجنا من مصر فودع العماد إخوته، فقال له فخر الدين: ما رواحك جيدا ربما آذاك الجواد، قال: أنا ملكته، قال: فارقته أميرا وتعود إليه ملكا، فكيف يسمح لك؟ فأنزل على طبرية وكاتبه، فلم يقبل، قال: ثم إن الجواد جاءه صاحب حمص أسد الدين وقال له: إن اتفق العادل وأخوه شحذنا في المخالي، ثم جاء أسد الدين إلى العماد وقال: المصلحة أن تثني عزم العادل عن هذا، قال: حتى أمضي إلى برزة وأصلي للاستخارة، قال: بل تهرب منها إلى بعلبك، فغضب، فرد أسد الدين إلى بلده، فبعث الجواد يقول: إن شئت فاركب وتنزه، فظن أن هذا عن رضى، فلبس الخلعة، وبعث إليه بحصان، فلما خرج إذا شخص بيده قصة فاستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها، فقال: لي مع الصاحب شغل، فقال العماد: دعوه، فتقدم فناوله القصة، ويضربه بسكين بدد أمعاءه، وشد آخر فضربه بسكين في