سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٤٥٢
مجالسه:
كان رحمه الله يقرأ الحديث يوم الجمعة بجامع دمشق وليلة الخميس، ويجتمع خلق، وكان يقرأ ويبكي ويبكي الناس كثيرا، حتى إن من حضره مرة لا يكاد يتركه، وكان إذا فرغ دعا دعاء كثيرا.
سمعت شيخنا ابن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المنبر: قد جاء الامام الحافظ، وهو يريد أن يقرأ الحديث فاشتهى أن تحضروا مجلسه ثلاث مرات، وبعدها أنتم تعرفونه وتحصل لكم الرغبة، فجلس أول يوم، وحضرت، فقرأ أحاديث بأسانيدها حفظا، وقرأ جزءا، ففرح الناس به، فسمعت ابن نجا يقول: حصل الذي كنت أريده في أول مجلس.
وسمعت بعض من حضر يقول: بكى الناس حتى غشي على بعضهم. وكان يجلس بمصر بأماكن.
سمعت محمود بن همام الأنصاري يقول: سمعت الفقيه نجم بن عبد الوهاب الحنبلي يقول وقد حضر مجلس الحافظ: يا تقي الدين والله لقد حملت الاسلام، ولو أمكنني ما فارقت مجلسك.
أوقاته:
كان لا يضيع شيئا من زمانه بلا فائدة، فإنه كان يصلي الفجر، ويلقن القرآن، وربما أقرأ شيئا من الحديث تلقينا، ثم يقوم فيتوضأ، ويصلي ثلاث مئة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبل الظهر، وينام نومة ثم يصلي الظهر، ويشتغل إما بالتسميع أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائما أفطر، وإلا صلى من المغرب إلى العشاء، ويصلي العشاء، وينام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسانا يوقظه، فيصلي لحظة ثم يتوضأ ويصلي إلى قرب
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»