سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٣٧٣
وعني بأمره شيخه ابن الزاغوني، وعلمه الوعظ، واشتغل بفنون العلوم، وأخذ اللغة عن أبي منصور ابن الجواليقي، وربما حضر مجلسه مئة ألف، وأوقع الله له في القلوب القبول والهيبة.
قال (1): وكان زاهدا في الدنيا، متقللا منها، وكان يجلس بجامع القصر والرصافة وبباب بدر وغيرها. إلى أن قال: وما ما زح أحدا قط، ولا لعب مع صبي، ولا أكل من جهة لا يتيقن حلها.
وقال أبو عبد الله ابن الدبيثي في (تاريخه) (2): شيخنا جمال الدين صاحب التصانيف في فنون العلوم من التفسير والفقه والحديث والتواريخ وغير ذلك. وإليه انتهت معرفة الحديث وعلومه، والوقوف على صحيحه من سقيمه، وكان من أحسن الناس كلاما، وأتمهم نظاما، وأعذبهم لسانا، وأجودهم بيانا. تفقه على الدينوري، وقرأ الوعظ على أبي القاسم العلوي، وبورك له في عمره وعلمه، وحدث بمصنفاته مرارا، وأنشدني بواسط لنفسه:
يا ساكن الدنيا تأهب * وانتظر يوم الفراق وأعد زادا للرحيل * فسوف يحدى بالرفاق وابك الذنوب بأدمع * تنهل من سحب المآقي يا من أضاع زمانه * أرضيت ما يفنى بباق وسألته عن مولده غير مرة، ويقول: يكون تقريبا في سنة عشر، وسألت أخاه عمر، فقال: في سنة ثمان وخمس مئة تقريبا.

(1) نفس المصدر السابق: 8 / 824.
(2) (الذيل)، الورقة: 122 - 123 (باريس 5922)، ونقل الذهبي بتصرف على عادته، ونقل السبط هذا النص في (المرآة) أيضا: 8 / 482 - 483.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»