سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥٤٧
قال السمعاني: كان حسن الكلام في المناظرة، ورعا زاهدا، متقنا، عالما بأحكام القرآن والفرائض (1).
وقال أبو الحسين بن الفراء: لزمته خمس سنين، وكان إذا بلغه منكر، عظم عليه جدا، وكان شديدا على المبتدعة، لم تزل كلمته عالية عليهم، وأصحابه يقمعونهم، ولا يردهم أحد، وكان عفيفا نزها، درس بمسجده، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي يدرس، ثم درس بجامع المهدي، ولما احتضر أبو يعلى (2)، أوصاه أن يغسله، وكذا لما احتضر الخليفة القائم أوصى أن يغسله أبو جعفر، ففعل، وما أخذ شيئا مما وصى له به، حتى قيل له: خذ قميص أمير المؤمنين للبركة، فنشفه (3)، بفوطة وقال: حصلت البركة. ثم استدعى المقتدي، فبايعه منفردا... إلى أن قال: وأخذ أبو جعفر في فتنة ابن القشيري (4)، وحبس أياما، فسرد الصوم، وما أكل لاحد شيئا، ودخلت، فرأيته يقرأ في المصحف، ومرض، فلما ثقل وضج الناس من حبسه، أخرج إلى الحريم، فمات هناك، وكانت جنازته مشهودة، ودفن إلى جانب قبر الإمام أحمد، ولزم الناس قبره مدة حتى قيل: ختم على قبره عشرة آلاف ختمة (5).

(١) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ١٦.
(٢) هو القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء شيخ الحنابلة المتوفي سنة (٤٥٨) وقد تقدمت ترجمته برقم (٤٠).
(٣) في الأصل: فشقه، وهو خطأ، والتصويب من " المنتظم " ٨ / ٣١٦، و " ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ١٧.
(٤) والتي وقعت بين الحنابلة والأشعرية، انظر تفصيل ذلك في " ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ١٩ - ٢٢، و " طبقات " السبكي ٣ / ٣٨٩ وما بعدها.
(٥) " المنتظم " ٨ / ٣١٦ - ٣١٧، و " ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ١٧ و ٢٢ و ٢٣، و " البداية والنهاية " 12 / 129.
(٥٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 ... » »»