سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٢٨٣
وكان شهما كافيا، خبيرا بالتصرف، سديد التوقيع، طلق المحيا، يكاتب ملوك النواحي، ويهاديهم، وفيه عدل في الجملة، عمرت العراق في أيامه، وكان من محاسن الدهر، أنشأ بيمارستانا عظيما ببغداد، وكانت جوائزه متواترة على العلماء والصلحاء، وعاش ثلاثا وخمسين سنة.
رفعت إليه سعاية برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة، ولو كانت صحيحة، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك، لعاملناك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب (1). فأخذها فقهاء المكاتب، وعلموها الصغار.
وقد أنشأ ببغداد دارا عظيمة (2)، وكان يضرب المثل بكثرة جوائزه وعطاياه.
79 - المستعين * صاحب الأندلس، الملقب بالمستعين، أبو الربيع، سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبد الرحمن، الأموي المرواني الأندلسي.
خرج على ابن عمه المؤيد بالله هشام على رأس عام أربع مئة، والتف على البربر بالأندلس، وغلبوا على قلعة رباح، وملكوه، وجمعوا له

(1) الخبر في " وفيات الأعيان " 5 / 126. والسعاية: الوشاية، والخفارة مثلثة الخاء:
الأمان.
(2) قال ابن الجوزي: وداره بأعلى الحريم الطاهري يقال لها: الفخرية، وهذا الدار كانت للمتقي لله، وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وخربت فعمرها فخر الملك، وأنفق عليها أموالا كثيرة، وفرغ منها في رمضان سنة اثنتين وأربع مئة. " المنتظم " 7 / 286.
* تقدمت ترجمته برقم (79) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»