سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٩٩
عليه لو فعله، كقوله لعائشة: " تسترين الجدر؟! " (1). وأمره بصوم يومين من شوال، أراد به انتهاء السرار. وذلك في الشهر الكامل والسرار في الشهر الناقص يوم واحد.
قلنا: لو كان منكرا عليه لما أمره بالقضاء.
وقال في حديث: " مررت بموسى وهو يصلي في قبره " (2)، أحيا الله موسى في قبره حتى مر عليه المصطفى عليه السلام. وقبره بمدين، بين المدينة وبين بيت المقدس.
وحديث: " كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله تسع نسوة " وفي رواية الدستوائي عن قتادة وهي: إحدى عشرة (3).

(1) أخرجه أحمد 6 / 247، ومسلم (2107) في اللباس والزينة، وابن سعد 8 / 469 عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، فاشتريت له نمطا فيه صورة، فسترت به على سهوة بيتي، فدخل رسول الله، فرأيت كراهية الستر في وجهه، ثم جبذه، فقال:
" أتسترون الجدار! " قالت: فأخذت النمط فقطعته وسادتين، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على إحداهما.
ولفظ مسلم: رأيته خرج في غزاته، فأخذت نمطا، فسترته على الباب، فلما قدم، فرأى النمط، عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: إن الله لم يأمرنا ان نكسو الحجارة والطين " قالت: فقطعنا منه وسادتين، وحشوتهما ليفا، فلم يعب ذلك علي. وانظر " شرح السنة " 12 / 135 بتحقيقنا.
(2) أخرجه ابن حبان (48) وأخرجه أحمد 3 / 148 من طريق حسن بن موسى وعفان كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت وسليمان التيمي، عن أنس، وأخرجه مسلم (2375) من طريق هداب بن خالد وشيبان فروخ، كلاهما عن حماد بهذا الاسناد، وأخرجه النسائي 3 / 216 من طريق حماد به.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير ": 741، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن خزيمة.
(3) أخرجه ابن حبان (1196)، وأخرجه البخاري 1 / 324 في الغسل: باب إذا جامع ثم عاد من طريق محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة.
وأخرجه أيضا 1 / 334: باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره من طريق عبد الأعلى بن حماد، والنسائي 6 / 53، 54 من طريق إسماعيل بن مسعود، كلاهما عن يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة.
قال ابن خزيمة تعليقا على رواية معاذ بن هشام: " وهن إحدى عشرة ": تفرد بذلك معاذ بن هشام، عن أبيه، ورواه سعيد بن أبي عروة وغيره عن قتادة.
وأما ابن حبان، فقد جمع في صحيحه بين الروايتين بأن حمل ذلك على حالتين، قال الحافظ ابن حجر: لكنه وهم في قوله: إن الأولى كانت في أول قدومه من المدينة حيث كان تحته تسع نسوة، والحالة الثانية في آخر الامر حيث اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة. وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن تحته امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أم سلمة وحفصة وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة والرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة، ثم جويرية في السادسة، ثم صفية وأم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور. واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة، فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب، فاختارت البقاء في ملكه، والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل. قال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة، فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة كما سيأتي في مكانه، فرجحت رواية سعيد، لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ نسائه تغليبا.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»