سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٩٨
رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) [الشورى: 11].
قرأت بخط الحافظ الضياء في جزء علقه مآخذ على كتاب ابن حبان، فقال في حديث أنس في الوصال (1): فيه دليل على أن الاخبار التي فيها وضع الحجر على بطنه من الجوع كلها بواطيل، وإنما معناها الحجز، وهو طرف الرداء، إذ الله يطعم رسوله، وما يغني الحجر من الجوع.
قلت: فقد ساق في كتابه حديث ابن عباس في خروج أبي بكر وعمر من الجوع، فلقيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: أخرجني الذي أخرجكما (2)، فدل على أنه كان يطعم ويسقى في الوصال خاصة.
وقال في حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لرجل:
" أصمت من سرر شعبان شيئا؟ " قال: لا. قال: " إذا أفطرت فصم يومين " (3). فهذه لفظة استخبار، يريد الاعلام بنفي جواز ذلك، كالمنكر

(1) أخرجه مسلم (1104) في الصيام: باب النهي عن الوصال في الصوم من طريق عاصم ابن النضر التميمي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا حميد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك، فقال: " لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي أو قال: لست مثلكم - إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ".
(2) راجع مسند أبي بكر. للمروزي بتحقيقنا.
(3) أخرجه البخاري 4 / 200، 201 في الصوم: باب الصوم من آخر الشهر، ومسلم (1161) في الصيام: باب صوم سرر شعبان، وأبو داود (2328). وسرر شعبان: آخره حين يستسر الهلال. وانظر " الفتح " 4 / 201.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»