الهيجاء الخروج فتعلق به القاهر، وقال: تسلمني؟ فأخذته الحمية، وقال: لا والله، ودخلا الفردوس، وخرجا إلى الرحبة. وذهب أبو الهيجاء على فرسه، فوجد نازوك قتيلا، وسدت المسالك عليه وعلى القاهر، وأقبلت خواص المقتدر في السلاح، فدخل أبو الهيجاء كالجمل، ثم صاح:
يأل يخلت أأقتل بين الحيطان؟ أين الكميت؟ أين الدهماء؟ فرموه بسهم في ثديه، وبآخر في ترقوته. فنزع منه الأسهم، وقتل واحدا منهم، ثم قتلوه.
وجئ برأسه إلى المقتدر، فتأسف عليه، وجئ إليه بالقاهر فقبله وقال: يا أخي أنت والله لا ذنب لك، وهو يبكي ويقول: الله في دمي يا أمير المؤمنين، وطيف برأس نازوك، وأبي الهيجاء. ثم أتى مؤنس والقواد والقضاة، وبايعوا المقتدر. وأنفق في الجند مالا عظيما (١). وحج الناس فأقبل أبو طاهر القرمطي، ووضع السيف بالحرم في الوفد، واقتلع الحجر الأسود (٢). وكان في سبع مئة راكب، فقتلوا في المسجد أزيد من ألف. ولم يقف أحد بعرفة، وصاح قرمطي: يا حمير، أنتم قلتم: ﴿ومن دخله كان آمنا﴾ (3) فأين الامن (4)؟
وأما الروم فعاثوا في الثغور، وفعلوا العظائم، وبذل لهم المسلمون الإتاوة.
ووزر في سنة ثمان عشرة للمقتدر سليمان بن الحسن (5). ثم قبض عليه