وفي سنة 316 دخل أبو طاهر القرمطي الرحبة بالسيف، ثم قصد الرقة، وبدع، وعمل العظائم، واستعفى علي بن عيسى (1) من الوزارة، فوزر أبو علي بن مقلة (2)، وبنى القرمطي دارا، سماها دار الهجرة (3)، وكثر أتباعه، وكاتبه المهدي من المغرب، فدعا إليه، وتفاقم البلاء (4)، وأقبل الدمستق في ثلاث مئة ألف من الروم، فقصد أرمينية (5)، فقتل وسبى، واستولى على خلاط (6).
وفي سنة 317 جرت خبطة ببغداد، واقتتل الجيش، وتم ما لا يوصف، وهموا بعزل المقتدر، اتفق على ذلك مؤنس، وأبو الهيجاء، ونازوك، وأتوا دار الخلافة، فهرب الحاجب، والوزير ابن مقلة، فأخرج المقتدر وأمه وخالته وحرمه إلى دار مؤنس، فأحضروا محمد بن المعتضد من الحريم، وكان محبوسا، وبايعوه، ولقبوه بالقاهر. وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع. وجلس القاهر في دست الخلافة. وكتب إلى الأمصار، ثم طلب الجيش رسم البيعة، ورزق سنة، وارتفعت الضجة، وهجموا فقتلوا نازوك والخادم عجيبا، وصاحوا: المقتدر يا منصور (7). فهرب الوزير والحجاب، وصار الجند إلى دار مؤنس، وطلبوا المقتدر ليعيدوه. وأراد أبو